عن حميد [الطويل: ثقة] عن بكر [المزني]، أن رجلين أبصرا ظبياً وهما محرمان، فتراهنا، وجعل كل واحد منهما لمن سبق إليه، فسبق إليه أحدهما، فرماه بعصاه فقتله، فلما قدما مكة أتيا عمر يختصمان إليه وعنده عبد الرحمن بن عوف، فذكرا ذلك له، فقال عمر: هذا قمار، ولا أجيزه، ثم نظر إلى عبد الرحمن، فقال: ما ترى؟ قال: شاة، فقال عمر: وأنا أرى ذلك، فلما قفّى الرجلان من عند عمر قال أحدهما لصاحبه: ما درى عمر ما يقول حتى سأل الرجل، فردهما عمر، فقال: إن الله تعالى لم يرض بعمر وحده، فقال: ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ﴾، وأنا عمر، وهذا عبد الرحمن بن عوف.
أخرجه ابن جرير الطبري في التفسير (٨/ ٦٩٤) (٨/ ١٠٠/ ٢٨٩ - ط ابن الجوزي).
وهذا الإسناد رجاله ثقات، وفيه انقطاع بين بكر بن عبد الله المزني وعمر، لم يدركه، لكنه حديث صحيح، لاشتهاره من حديث عبد الملك بن عمير عن قبيصة بن جابر الأسدي بهذه القصة.
• والحاصل: فإن قصة قبيصة بن جابر هذه في قتل المحرم للظبي قد رواها عنه: عبد الملك بن عمير، وعامر بن شراحيل الشعبي، ومحمد بن عبد الله بن قارب، وأرسلها عن عمر: محمد بن سيرين، وبكر بن عبد الله المزني، وأحسنها سياقة رواية عبد الملك بن عمير.
إلا أن عبد الملك قد اضطرب في تعيين قاتل الظبي فمرة يجعله قبيصة بن جابر، ومرة يجعله صاحبه، كما انفرد عبد الملك بسؤال عمر إياه: أعمداً قتلته أم خطأ؟ ثم لم يتمحض فيه العمد، ثم إن الثقات قد اختلفوا عليه أيضاً في إثبات هذا السؤال.
وعبد الملك بن عمير: لم يكن بالحافظ، وكان يضطرب في حديثه، والحفاظ يختلفون عليه [انظر: هدي الساري (٤٤٣). التهذيب (٢/ ٦٢٠). الميزان (٢/ ٦٦٠). انظر فيما تقدم الحديث رقم (٦٥٣)].
قال عبد الله بن أحمد، عن أبيه: «سئل عن عبد الملك بن عمير، وعاصم بن أبي النجود؟ فقال: عاصم أقل اختلاف عندي من عبد الملك بن عمير، عبد الملك: أكثر اختلافاً، وقدَّم عاصماً على عبد الملك» [العلل ومعرفة الرجال (٣/ ٥٤/ ٤١٣٦)].
وقال صالح بن أحمد، عن أبيه: سماك بن حرب: أصلح حديثاً من عبد الملك بن عمير، وذلك أن عبد الملك يختلف عليه الحفاظ [الجرح والتعديل (٤/ ٢٧٩)].
وقال المروذي عن أحمد «عبد الملك بن عمير: في حديثه اضطراب» [سؤالات المروذي (١٣١)].
وقال أيضاً: وسئل أبو عبد الله عن عبد الملك بن عمير، فقال: مضطرب الحديث، قَلَّ من روى عنه إلا اختلف عليه. قيل: فهو أحب إليك أو عاصم؟ قال: عاصم [سؤالات المروذي (١٩٧)].
وقال أبو داود في سؤالاته لأحمد (٣٥٤): سمعت أحمد، قال: عبد الملك بن