للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• وقال ابن المنذر في الإقناع (٢/ ٥٤٠): «فالنهي عن كل ذي ناب من السباع يقع على لحومها وجلودها والانتفاع بها؛ إلا ما استثناه الخبر، فإنا قد روينا عن النبي ، أنه جعل الضبع صيداً، وقضى فيها إذا قتلها المحرم كبشاً، وجاءت الأخبار بالرخصة فيها: عن عمر، وعلي، وابن عباس، وابن عمر وأبي هريرة. فالضبع مباح أكلها لخبر رسول الله ، ولقول من ذكرنا من أصحاب رسول الله ، والثعلب وسائر السباع مردود إلى تحريم النبي : «كل ذي ناب من السباع».

وقال في الأوسط (٢/ ٤٥٠): «قال عكرمة: نعجة سمينة، وقال عروة بن الزبير: ما زالت العرب تأكلها، وكان عطاء بن أبي رباح ومالك والشافعي يرون فيه الجزاء على المحرم، ورخص في أكله: أحمد بن حنبل، وإسحاق زاد في الإشراف: [وأبو ثور]، وقال الأوزاعي: رجال من علماء الحجاز لا يرون بأكل الضبع بأساً؛ لأن المحرم يفديه. وقد روينا عن سعيد بن المسيب أنه كره ذلك، وبه قال الثوري والليث بن سعد [زاد في الإشراف] والنعمان، وأصحابه. وقال مالك في الضبع والثعلب: [لا خير في أكلهما].

قال أبو بكر: والضبع مباح أكلها؛ وذلك لخبر جابر؛ ولأن كل من نحفظ عنه من أصحاب رسول الله إما رآها صيداً، وإما لم يكن يرى بأكلها بأساً، ولم يخالفهم منهم غيرهم، والأكثر من أهل العلم عليه، ولعل من كره ذلك إنما كرهوها على ظاهر نهي النبي ، عن كل ذي ناب من السباع، بل لا أحسبهم كرهوها إلا لذلك، لا يجوز أن يظن بهم غير ذلك، والله أعلم. [وقال نحوه في الإشراف (١/ ٣٩١) و (٣/ ٢٣٦) (٨/ ١٣٨)]

• وقال الخطابي في المعالم (٤/ ٢٤٨): «إذا كان قد جعله صيداً أو رأى فيه الفداء؛ فقد أباح أكله كالظباء والحمر الوحشية وغيرها من أنواع صيد البر، وإنما أسقط الفداء في قتل ما لا يؤكل، فقال: خمس لا جناح على من قتلهن في الحل والحرم، … الحديث.

وفي قوله: «هو صيد»؛ دليل على أن من السباع والوحش ما ليس بصيد، فلم يدخل تحت قوله تعالى: ﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ﴾. وفيه دليل على أن لا شيء على من قتل سبعاً لأنه ليس بصيد. وفيه دليل على المثل المجعول في الصيد إنما هو من طريق الخلقة دون القيمة، ولو كان الأمر في ذلك موكولاً إلى الاجتهاد لأشبه أن لا يكون بدله مقدراً، وفي ذلك ما دل على أن في الكبش وفاء الجزائه؛ كانت قيمته مثل قيمة المجزي أو لم يكن. وقد اختلف الناس في أكل الضبع: فروي عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يأكل الضبع، وروي عن ابن عباس إباحة لحم الضبع، وأباح أكلها: عطاء، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور، وكرهه الثوري وأبو حنيفة وأصحابه ومالك، وروي ذلك عن سعيد بن المسيب واحتجوا بأنها سبع، وقد نهى رسول الله عن كل ذي ناب من السباع. قلت: وقد يقوم دليل الخصوص فينزع الشيء من الجملة، وخبر جابر خاص، وخبر تحريم السباع عام».

<<  <  ج: ص:  >  >>