للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

في المسائل المنقولة عن الصحابة في ذلك، وأن ذمة العباد لا تشغل إلا بدليل صحيح من كتاب أو سنة أو قول صاحب، فما لم يكن ديناً عند الصحابة؛ فليس بدين بعدهم، وكل ما زيد على أقوال الصحابة في هذه المسألة اجتهاداً فليس بدين.

ثم استطرد أبو يعلى في ذكر المسائل وتشقيقها، فذكر مسألة: جماع الناسي، وأنه يفسد الإحرام (٢/ ٢٤٠)، ثم مسألة: إذا وطئ دون الفرج فأنزل أو قبل أو لمس فأنزل، فسد حجه في إحدى الروايتين (٢/ ٢٤٥)، ولا يثبت عن الصحابة في هذا شيء، ثم ذكر مسألة: إن قبل أو لمس أو وطئ دون الفرج فلم ينزل وجبت عليه الفدية (٢/ ٢٤٩)، ولا يثبت عن الصحابة فيها شيء، ثم ذكر مسألة: إذا كرر النظر فأنزل وجبت عليه بدنة، وإن أمذى فعليه شاة في أصح الروايات (٢/ ٢٥١)، ولا يثبت عن الصحابة فيها شيء، ثم ذكر مسألة: إذا كرر النظر فأنزل لم يفسد حجه وعليه بدنة (٢/ ٢٥٢)، ولا يثبت عن الصحابة فيها شيء، ثم ذكر مسألة: إذا وطئ امرأة في دبرها، أو عمل عمل قوم لوط، أو وطئ بهيمة، فسد حجه، وعليه البدنة (٢/ ٢٥٣)، ثم ذكر مسألة: إذا وطئ في العمرة أفسدها، وعليه القضاء وشاة (٢/ ٢٥٥)، ثم ذكر مسألة: إذا وطئ القارن فأفسد حجه وعمرته لم يسقط عنه دم في القرآن بالإفساد، وكذلك المتمتع (٢/ ٢٥٧)، وقال القاضي: «نص عليه في التمتع الفاسد: أنه لا يسقط عنه الدم، فقال في رواية ابن منصور: وذكر له قول سفيان في رجل أهل بعمرة في أشهر الحج، ثم جامع أهله قبل أن يطوف بالبيت، ثم أقام إلى الحج: يحج، وعليه دم لعمرته، وليس عليه دم للمتعة؛ لأنه أفسدها، فقال أحمد: عليه دم المتعة، ودم لما أفسد من العمرة. فقد نص على أن دم التمتع لا يسقط بالفساد، وفي القرآن آكد. وهو قول الشافعي. وقال أبو حنيفة: يسقط دم القرآن والتمتع».

قلت: يمكن هنا أن يقال: ألا يمكن الأخذ بقول عطاء وقتادة الذي حكاه ابن المنذر في الإشراف (٣/ ٢٠٢): «وروينا عن عطاء رواية أخرى، روينا عن عطاء أنه قال: إذا كانت عليهما مُهْلَة فاستطاعا أن يرجعا إلى مُهَلِّهما، فليُهلا منه ما لم يخشيا أن يفوتهما الحج فليفعلا. وقال قتادة: إذا كان عليهما مهل يرجعان إلى أحدهما، ويهلان ويفترقان، ويهديان هديين، يعني من وطئ امرأته في الحج وهما محرمان».

يعني: فيمن قدم مكة متمتعاً أو قارناً أو مفرداً، في شوال، أو في ذي القعدة، فأفسد نسكه بالجماع، وبينه وبين اليوم الثامن من ذي الحجة مُهْلة، فله أن يرجع إلى مُهله، يعني: الميقات الذي أهَلَّ منه، فيحرم بنسك جديد، ولا يمضي في فاسده لبقاء المهلة، وتحمل فتوى الصحابة في المضي في فاسده على من خشي فوات الحج، وضاق عليه الوقت، فلم يكن له مهلة لكي يرجع إلى الميقات فيحرم بنسك جديد، وهذا قول لأحمد من رواية المروذي وأبي طالب، والله أعلم.

وأما قول أهل العلم: بوجوب المضي في فاسد الحج والعمرة، وأنه لا يخرج منهما بالإفساد، وأن هذا مختص بهما دون سائر العبادات؛ فلا دليل عليه صحيح من كتاب أو

<<  <  ج: ص:  >  >>