بشهوة، من جماع أو مباشرة أو قبلة أو نظرة؛ وممن قال بذلك: مالك، والأوزاعي، وعبد الله بن الحسن، وقال الشافعي: الذي يفسد الحج من الجماع ما يوجب الحد، وذلك أن تغيب الحشفة، ويلتقي الختانان لا يفسده شيء غير ذلك. قال: وإن جامع دون الفرج فأحب إلي أن ينحر بدنة ويجزئه شاة. قال: وكذلك كل ما تلذذ من امرأته من قبلة أو مباشرة أو غيرها أجزأه الدم. قال: ويكفي المرأة إذا تلذذت بالرجل كما يكفي الرجل.
وبذلك كله قال أبو ثور، قال أبو عمر:«حجة من لم ير فساد الحج إلا بالوطء في الفرج القياس على ما أجمعوا عليه من وجوب الحد، وعلة من جعل الإفساد في الفرج وفي غير الفرج القياس على ما أجمعوا عليه من الغسل، واتفقوا فيمن قبل وهو محرم».
ثم ذكر اختلافهم فيمن جامع مرارا، وفيمن وطيء امرأته ناسيا، ثم قال:«أحكام الحج في قتل الصيد ولبس الثياب وغير ذلك يستوي فيه الخطأ والعمد، فكذلك يجب أن يكون الوطء في الحج، والله أعلم».
ثم قال:«وقال مالك: كل نقص دخل الإحرام من وطء أو حلق شعر أو إحصار بمرض؛ فإن صاحبه إذا لم يجد الهدي صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع لا مدخل للإطعام فيه. وقال أبو حنيفة: كل جناية وقعت في الإحرام فلا يجزئ فيها إلا الهدي، ولا يجوز فيها لا الصيام ولا الإطعام. وقال الشافعي: على الحاج بدنة، فإن لم يجد قومت البدنة دراهم، وقومت الدراهم طعاما، فإن لم يجد صام عن كل مد يوما إلا أن الطعام والهدي لا يجزيه واحد منهما إلا بمكة أو بمنى، والصوم حيث شاء. وقال محمد بن الحسن نحو قول الشافعي».
ثم ذكر اختلافهم في الإكراه، والافتراق.
• وقال أبو يعلى الفراء في التعليقة الكبيرة (٢/ ٢١٧): «مسألة: إذا أفسد الحج لم يخرج منه بالإفساد، بل يلزمه المضي في فاسده: نص عليه في رواية عبد الله، وابن منصور، وأبي الحارث، فقال في رواية عبد الله: إذا وطيء، وهو محرم، ثم أصاب صيدا عليه الجزاء، الإحرام قائم يؤمر أن يتم حجه، ولا يحلق ولا يصيد. وفي رواية ابن منصور: إذا جامع ثم أصاب صيدا أو حلق، فالإحرام قائم، كل ما أصاب من ذلك فعليه كفارة. وفي رواية أبي الحارث: إذا وطيء امرأته وهما محرمان فسد حجه، يتم هذا، والإحرام قائم، وعليه الحج من قابل، فقيل له: أيهما حجة الفريضة التي أفسدها، أو التي قضى؟ قال: لا أدري.
وبهذا قال جماعة الفقهاء. وحكي عن داود أنه قال: يخرج منه بالإفساد.
دليلنا: قوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ﴾، ولم يفرق بين الفاسد والصحيح»، ثم احتج بمرسل ابن المسيب، وقال:«وهذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب. ولأنه إجماع الصحابة»، ثم احتج ببلاغ مالك عن عمر وعلي وأبي هريرة، وما صح عن ابن عباس.
ثم قال أبو يعلى (٢/ ٢٢٠): «مسألة: إذا أفسد الحج بالوطء، وعادا للقضاء؛ فإنهما