للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• ورواه ابن جريج: أخبرني عطاء، قال: كان ابن عباس، يقول: لا يطوف بالبيت حاج ولا غير حاج إلا حلَّ، قلت لعطاء: من أين يقول ذلك؟ قال: من قول الله تعالى: ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٣٣]، قال: قلت: فإن ذلك بعد المعرف، فقال: كان ابن عباس يقول: هو بعد المعرَّف وقبله، وكان يأخذ ذلك من أمر النبي حين أمرهم أن يحلوا في حجة الوداع. لفظ محمد بن بكر [عند مسلم] [أخرجه البخاري (٤٣٩٦)، ومسلم (٢٠٨/ ١٢٤٥)، وقد سبق تخريجه تحت الحديث رقم (١٧٩٢)].

الله وأما خلاف ذلك عن ابن عباس:

• فقد رواه أبو عوانة [الوضاح بن عبد الله اليشكري: ثقة ثبت]، وهشيم بن بشير [ثقة ثبت، من أثبت الناس في أبي بشر، وقد سمع منه هذا الحديث]:

عن أبي بشر [جعفر بن أبي وحشية، وهو: ثقة من أثبت الناس في سعيد بن جبير]، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ، قال: أتته امرأة، فقالت: إني خرجت مع زوجي، فأهللنا بعمرة، فطفت بالبيت وبين الصفا والمروة، فوقع عليَّ قبل أن أقصر، فقال: شبق شديد، فاستحيت المرأة فقامت فقال على المرأة فدية من صيام أو صدقة أو نسك: صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ثلاثة مساكين، أو تنسكين نسكاً، فقالت: أي ذلك أفضل؟ قال: النسك، قالت: أي النسك أفضل؟ قال: اذبحي بقرة، أو انحري ناقة، فقالت: أي ذلك أفضل؟ قال: انحري ناقة. لفظ أبي عوانة [عند الطحاوي].

أخرجه سعيد بن منصور في سننه [عزاه إليه: ابن تيمية في شرح العمدة (٤/ ٦٨٥ - ط عطاءات العلم)]، والطحاوي في شرح المشكل (١٠/ ٤٤٢).

وهذا موقوف على ابن عباس بإسناد صحيح، وليس له حكم الرفع، فقد كان كثير الاجتهاد في هذه المسائل، ويشدد فيها، ولعله أخذ ذلك من حديث كعب بن عجرة في فدية الأذى، وقد صح عن ابن عمر وجابر حين سئلا: أيأتي الرجل امرأته قبل أن يطوف بين الصفا والمروة؟ قال جابر: لا، وأما ابن عمر فأمر باتباع النبي ، يعني: ألا يأتيها حتى يطوف بين الصفا والمروة، ولم يتكلم واحد منهما في الكفارة، ولو كان عندهما في ذلك شيء مرفوع إلى النبي الله لما سكتا عنه، إذ لا يجوز تأخير البيان عن موضع الحاجة، وذكره في هذا الموضع أبلغ في الزجر، ثم إن ابن عباس إنما أمرها بالكفارة حسب، ولم يخبرها بفساد نسكها، ولم يحكم بذلك، ويبين ذلك قول ابن عباس لها: «عليك فدية من صيام أو صدقة أو نسك»؛ فأقام ذلك مقام فدية الأذى، مما يدل على عدم فساد النسك، مع عدم الإلزام بالدم، فمن فعل ذلك، وهو: إتيان أهله قبل الحلق أو التقصير بعد فراغه من الطواف والسعي في العمرة، فهو مخير بين الصيام أو الصدقة أو النسك، ولكن السائل هنا هو الذي طلب أعلى المراتب، وشدد على نفسه، فلا ينبغي أن يقال بأن ابن عباس يوجب فيها بدنة، ناقة أو بقرة، وإنما أفتى فيها بفدية الأذى حسب، والله أعلم.

قال ابن قدامة في المغني (٥/ ٤٤٩): «وكل استمتاع من النساء يوجب شاة، كالوطء

<<  <  ج: ص:  >  >>