قال مالك:«أنه سمع ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول في ذلك مثل قول عكرمة عن ابن عباس. قال مالك: وذلك أحب ما سمعت إليَّ في ذلك».
• قال الشافعي بعد أثر عطاء عن ابن عباس:«وبهذا نأخذ»، ثم أنكر أثر ثور، وأنكر على مالك إخراج حديث عكرمة، وأخذه بقول ربيعة، فقال:«وهو سيئ القول في عكرمة، لا يرى لأحد أن يقبل حديثه، وهو يُروى بيقين عن عطاء عن ابن عباس خلافه، وعطاء ثقة عنده وعند الناس، قال: والعجب له أن يقول في عكرمة ما يقول، ثم يحتاج إلى شيء من علمه يوافق قوله، ويسميه مرة، ويروي عنه ظناً، ويسكت عنه مرة».
وقال ابن عبد البر في التمهيد (٧/ ٢٧١) بعد إيراد أثر عطاء عن ابن عباس، وأثر عكرمة هذا:«ورواية ثور عن عكرمة في هذا: ضعيفة؛ لأن أيوب روى عن عكرمة؛ أنه قال: ما أفتيت برأيي قط إلا في ثلاث مسائل: إحداهن في الذي يصيب أهله قبل أن يطوف للإفاضة؛ يعتمر ويهدي».
قلت: قد وقع وهم في هذا الأثر: فإما أن يكون ذكر ابن عباس فيه غير محفوظ، وهو الأشبه بالصواب؛ لأن هذا القول محفوظ عن عكرمة بإسناد صحيح [وسيأتي]، وإما أن يكون عن ابن عباس؛ لكن بدون ذكر العمرة، فإن المحفوظ فيه عن ابن عباس: الفدية حسب مع تمام الحج، جاء ذلك عن ابن عباس بأسانيد صحاح سبق ذكرها، عن عطاء بن أبي رباح، وعن سعيد بن جبير، كلاهما عن ابن عباس، ولعل الوهم فيه من عكرمة، وقد كان مالك يحدث عن ثور بن زيد عن ابن عباس، يسقط ذكر عكرمة من الإسناد؛ لأنه لا يرضاه، لكنه هنا صرح به في الإسناد [انظر: فضل الرحيم الودود (٢٤/ ٤٠٣/ ١٧٦٣)].
• وأما ما روى أبو حنيفة، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس ﵄، قال: إذا جامع بعد ما يفيض من عرفات فعليه بدنة، ويقضي ما بقي من حجه، وتم حجه.
أخرجه محمد بن الحسن الشيباني في الآثار (٣٤٤).
فهو حديث منكر؛ والمعروف في هذا عن عطاء: ما رواه عبد العزيز بن رفيع، وأبو الزبير، والعلاء بن المسيب، وليث بن أبي سليم:
عن عطاء بن أبي رباح، عن عبد الله بن عباس، أنه سئل عن رجل وقع على أهله وهو بمنى قبل أن يفيض [وفي رواية: قبل أن يزور البيت، وفي رواية: قبل أن يطوف بالبيت يوم النحر]، فأمره أن ينحر بدنة. فلم يقل أحد منهم: بعد ما يفيض من عرفات.
• وقد ذهب الجمهور إلى أن الحج يفسد بالجماع إذا كان قبل رمي الجمرة، وقبل التحلل الأول، وذهب الأحناف إلى أنه يفسده إذا كان قبل الوقوف بعرفة، وهو قول قوي، قال محمد بن الحسن في تعليقه على الموطأ، بعد أثر ابن عباس (٥١٣)، فيمن وقع على امرأته قبل أن يفيض؛ فأمره أن ينحر بدنة، قال محمد:«وبهذا نأخذ»، قال رسول الله ﷺ:«من وقف بعرفة فقد أدرك حجه»، فمن جامع بعدما يقف بعرفة لم يفسد حجه، ولكن عليه