من العام المقبل، فأوجب بينهما المفارقة لمدة عام كامل، لا يجتمعان في بيت ولا في منزل، وهذا لم يقل به أحد من الصحابة، أو التابعين، أو الفقهاء، والله أعلم.
والموضع الثاني من النكارة قوله: فتقبلان حتى إذا كنتما بالمكان الذي أصبتما ما فيه أصبتما، فأحرما، فهو كما ترى أوجب عليهما الإحرام دون الميقات، فيمران بالميقات الذي أحرما منه فلا يحرمان منه، ويسقط عنهما الإحرام من الميقات، ويتجاوزانه إلى الموضع الذي وقع فيه الجماع، ولعله بمكة مثلاً، فصار ميقات الإحرام عندهما هو موضع الجماع، وهذا لم يقل به أحد فيما أعلم، وهذا مما يدل على بطلان هذا الحديث، وأنه ليس من كلام النبي ﷺ قطعاً، فلا يعتضد هذا المرسل بما ثبت عن الصحابة في هذا الباب، مثل ابن عباس، وابن عمر، وابن عمرو، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
ثم إنَّ أمرهما بالهدي مع الحج الفاسد لم أجد من قال به فيما ثبت عن الصحابة، وإنما أمروا بالهدي مع القضاء، كما سيأتي بيانه.
٢ - وروى ابن وهب [ثقة حافظ] في موطئه، وعبد الله بن عبد الحكم بن أعين [مصري، ثقة]:
أخبرنا ابن لهيعة [ضعيف]، عن يزيد بن أبي حبيب [ثقة فقيه]، عن عبد الرحمن بن حرملة، عن سعيد بن المسيب؛ أن رجلاً من جذام جامع امرأته، وهما محرمان، فسأل الرجل رسول الله ﷺ، فقال لهما:«أتما حجكما، ثم ارجعا، وعليكما حجة أخرى [من قابل]، فأقبلا حتى إذا كنتما بالمكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما، فأحرما وتفرقا، ولا يرى واحد منكما صاحبه، ثم أتما نسككما وأهديا». لفظ ابن وهب.
أخرجه ابن وهب في الموطأ [عزاه إليه: ابن القطان في بيان الوهم (٢/ ١٩٢/ ١٧١)]، وأبو بكر النجاد في سننه [عزاه إليه: القاضي أبو يعلى في التعليقة الكبيرة (٢/ ٢١٨)، وابن تيمية في شرح العمدة (٤/ ٦٦٤ - ط عطاءات العلم)]، وعلقه من طريق ابن عبد الحكم: القاضي عبد الوهاب المالكي في شرح الرسالة (٣/ ٤٤٤ - ط الكتانية)[لكن وقع في إسناده: حرملة، بدل: عبد الرحمن بن حرملة].
قال ابن القطان بعد حديث ابن لهيعة:«فهذا الحديث يفسر ما أمرا به، وهو أن يتفرقا في العودة، فأما الأول فغير بين، ولا سيما على سياق أبي محمد، وكلاهما لا يصح، وأما هذا فأمره بين بابن لهيعة، وأما الأول: فزيد بن نعيم: مجهول، ويزيد بن نعيم: ثقة، ولم يعرف عمن هو منهما، فهو لا يصح». [وانظر أيضاً: بيان الوهم (٣/ ٥٩/ ٧١٩)].
وقال ابن تيمية في شرح العمدة (٤/ ٦٦٤): «وهذا المرسل قد شهد له ظاهر القرآن، وعمل أصحاب رسول الله ﷺ، وعوام علماء الإسلام، وأيضاً فإنه إجماع الصحابة والتابعين».
• قلت: عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي المدني: ليس به بأس، كان سيئ الحفظ،