وكان مما قال:«فقد أمر النبي ﷺ بلبس الخفين عند عدم النعلين، والسراويل عند عدم الإزار، ولم يأمر بتغييرهما، ولم يتعرض لفدية، والناس محتاجون إلى البيان، لأنه كان بعرفات، وقد اجتمع عليه خلق عظيم لا يحصيهم إلا الله يتعلمون وبه يقتدون، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. فلو وجب تغييرهما أو وجبت فيهما فدية لوجب بيان ذلك، لا سيما ومن جهل جواز لبس الإزار والخفين فهو بوجوب الفدية أو التغيير أجهل، ألا ترى أن الله سبحانه ورسوله حيث أباح شيئاً لعذر فإنه يذكر الفدية، كقوله: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَّأْسِهِ، فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكِ﴾، وقول النبي ﷺ لكعب بن عجرة: «احلق رأسك، وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة، أو انسك شاة».
وراجع بقية الطرق ومناقشات الفقهاء في هذه المسألة في الموضع المشار إليه.
باب كفارة شم الريحان:
• روى أبو معاوية، عن حجاج بن أرطاة، عن أبي الزبير، عن جابر، قال:«إذا شم المحرم ريحاناً أو مس طيباً أهراق لذلك دماً».
قلت: ولا يثبت هذا عن أبي الزبير عن جابر، وهو منكر بذكر الفدية فيه، تفرد به: حجاج بن أرطاة، وهو: ليس بالقوي، ولا يبعد أن يكون دلسه؛ إذ قد رواه اثنان من الأثبات الحفاظ عن أبي الزبير ابن جريج، وزهير بن معاوية، فلم يذكرا فيه الفدية.
• رواه ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، أنه سئل: أيشم المحرم الريحان والدهن والطيب؟ فقال: لا. [وهو موقوف على جابر بإسناد صحيح].
• ورواه زهير بن معاوية، عن أبي الزبير، عن جابر، قال:«لا يشم المحرم الريحان ولا الطيب». [وهو موقوف على جابر بإسناد صحيح] [تقدم تخريجه بطرقه بعد الحديث رقم (١٨٣١)، باب في مسائل شتى، في المجلد السابع والعشرين].
• وقد صح عن عكرمة، عن ابن عباس، قال:«المحرم يشم الريحان، ويدخل الحمام، وينزع ضرسه، ويفقأ القرحة، وإذا انكسر ظفره أماط عنه الأذى». [وهو صحيح عن ابن عباس موقوفاً عليه] [علقه البخاري في صحيحه قبل الحديث رقم (١٥٣٧): «وقال ابن عباس ﵄: يشم المحرم الريحان، وينظر في المرآة، ويتداوى بما يأكل الزيت والسمن»] [تقدم تخريجه بطرقه بعد الحديث رقم (١٨٣١)، باب في مسائل شتى، في المجلد السابع والعشرين].
• وروى مالك بن أنس، وأيوب السختياني: عن نافع عن ابن عمر؛ أنه كان يكره شم الريحان للمحرم. [وهو موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح] [تقدم تخريجه بعد الحديث رقم (١٨٣١)، باب في مسائل شتى، في المجلد السابع والعشرين].
• وروي عن عثمان بن عفان، ولا يثبت عنه، وراجع بقية ما ورد في الباب في الموضع المشار إليه.