للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الفدية على من حلق شعره لأجل ما أصابه من مرض أو أذى، لكونه فوت نسكاً يوم النحر، وهو حلق الشعر أو تقصيره، وقد سبق أن قررت هذا المعنى عند الكلام عن أحاديث حجامة المحرم [المجلد الثامن والعشرون، الحديث رقم (١٨٣٧) وقلت هناك: ظاهر أحاديث الباب أن النبي احتجم وهو محرم من وجع أصابه، واحتجم في وسط رأسه كما في حديث ابن بحينة المتفق عليه، وهذا يقتضي إزالة الشعر من موضع المحاجم، ولم ينقل أن النبي فدى لأجل ذلك، ولو فعل لنقل؛ لأن هذا مما تتوافر الهمم والدواعي لنقله، ثم إنه لم يزل شعر الرأس كله، فلم يسقط نسكاً، وإنما أزال بعضه للحاجة؛ ولم يفد، فدل على جواز الحجامة للحاجة حال الإحرام، وأن لا فدية عليه، والله أعلم.

• بل ثبت عن أحد فقهاء الصحابة إباحة إزالة بعض شعر الرأس لأجل الشجة، ولم يأمره بفدية:

• فقد روى أبو أسامة هو حماد بن أسامة [ثقة ثبت]، عن جرير بن حازم [ثقة]، قال: حدثنا الزبير بن الخريت [ثقة]، روى له البخاري عن عكرمة، عن عكرمة، قال: كان ابن عباس لا يرى بأساً للمحرم أن يحلق عن الشجة، وأن ينظر في المرآة.

أخرجه ابن أبي شيبة (٧/ ٤٥١/ ١٣٢٩٢ - ط الشثري)، ومن طريقه ابن حزم في المحلى (٥/ ٢٣٣) (٨/ ٣٥٩ - ط بشار).

وهذا موقوف على ابن عباس بإسناد صحيح على شرط البخاري.

قال ابن حزم: «فأباح ذلك ولم ير فيه شيئاً، ولا يُعرف له في ذلك مخالف من الصحابة رضي الله تعالى عنهم».

ثم قال ابن حزم: «وأما موضع النسك والإطعام والصيام فقد ذكرنا في باب المحصر نسك علي بن أبي طالب عن الحسين في حلق رأسه لمرض كان به بالسقيا، ولا نعلم لهما من الصحابة مخالفاً، ونسك حلق الرأس لا يسمى هدياً؛ فإذا لم يكن فهو جائز في كل موضع، إذ لم يوجب كون النسك بمكة قرآناً ولا سنة ولا إجماع»، ثم ساق بعض الآثار عن طاووس، وعطاء، وإبراهيم، والحسن، ثم ساق ما يعارضها من قول مجاهد: اجعل الفدية حيث شئت، ثم قال: «لا يجوز أن يخص بالنسك مكاناً دون مكان إلا بقرآن أو سنة ثابتة».

• قلت: ومما يشكل على قياس بعضهم في الكفارات: أن صيام ثلاثة أيام يعدل إطعام ستة مساكين في فدية الحلق، وأن صيام ثلاثة أيام يعدل إطعام عشرة مساكين في كفارة اليمين، وأن صيام يوم يعدل إطعام مسكين في كفارة الظهار والجماع في رمضان؛ فسبحان الحكيم الخبير! [انظر: الفتح لابن حجر (٤/١٣)].

• وقال ابن عبد البر في التمهيد (٢/ ٢٣٧) (٢/ ٢٥٦ - ط الفرقان): «كل من ذكر النسك في هذا الحديث مفسراً فإنما ذكره بشاة، وهو أمر لا خلاف فيه بين العلماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>