وقال أصحاب الرأي: إن لبس القميص أو السراويل يوماً إلى الليل فعليه دم، وإن لبس أقل من يوم فعليه صدقة».
وقال في الإقناع (١/ ٢١٢)، في باب أخذ الشعر والأظفار في الإحرام، بعد أن ساق حديث عبد الكريم بن مالك الجزري، ولفظه: فأمره رسول الله ﷺ أن يحلق رأسه، وقال:«صم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، مدين مدين لكل إنسان، أو انسك بشاة، أي ذلك فعلت أجزأ عنك»، ثم قال:«وبهذا نقول، وقد أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من حلق شعره، ومن جزّه وإتلافه بنورة أو نتف أو حرق؛ إلا أن يضطر إلى ذلك، فإذا اضطر إليه حلق وافتدى بما في حديث كعب بن عجرة. ومن نتف من شعره شعرة أو شعرتين تصدق بشيء من طعام. ومن نسي فأخذ شعره أو أظفاره أو لبس أو تطيب فلا شيء عليه، وكذلك لو فعله جاهلاً.
وقد أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من أخذ أظفاره، وله أن يزيل ما كان مكسوراً منه، وإذا أخذ المحرم أظفاره فعليه دم، وللمحرم أن يقص أظفار الحلال، ويأخذ من شعره، وإذا لبس وتطيب وحلق في مجلس واحد أو مجالس متفرقة فعليه لكل واحد من ذلك كفارة».
وفي موضع آخر (١/ ٢١٨): «وليس له أن يزيل الشعر عن نفسه، فإن فعل افتدى».
• ومما قال الخطابي في المعالم (٢/ ١٨٧): «وقال سفيان الثوري: إذا تصدق بالبر أطعم ثلاثة أصوع بين ستة مساكين، لكل واحد منهم نصف صاع، فإن أطعم تمراً أو زبيباً أطعم صاعاً صاعاً. قلت: هذا خلاف السنة، وقد جاء في الحديث ذكر التمر مقدراً بنصف صاع كما ترى، فلا معنى لخلافه، وقد جاء ذكر الزبيب أيضاً من غير هذا الطريق بنحو هذا التقدير، وذكره أبو داود»[قلت: لا يثبت في طرق حديث كعب سوى تعيين الطعام بالتمر، وما روي في الزبيب والحنطة؛ فهو شاذ، لا يثبت].
وقال القنازعي في تفسير الموطأ (٢/ ٦٧٠): «ليس يروي أهل المدينة هذا الحديث إلا عن الكوفيين. وقال بعض الناس: هذا يدل على أن أهل المدينة يحتاجون في السنن إلى غيرهم كما يحتاج غيرهم فيها إليهم».
• وقال القاضي عبد الوهاب في شرح الرسالة (٢/ ٢٤٦)(٣/ ٤٥٨ - ط الكتانية): «مسألة: قال ﵀: ثم يفتدي بصيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين؛ مدين لكل مسكين، أو ينسك بشاة يذبحها حيث شاء من البلاد.
قال القاضي ﵁: والأصل في ذلك قوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَّأْسِهِ، فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكِ﴾، معناه: فحلق فأوجب الله تعالى الفدية في ذلك بالأصناف التي ذكرها، وخيَّر المكلف فيها باللفظ الموضوع للتخيير، وهو حرف أو، فوجب كونه مخيراً فيه.
ثم بين النبي ﷺ مقدار الفدية وصفتها، وما أجمل في الظاهر من أحكامها؛ … »،