للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ورواه هشيم بن بشير، قال: أخبرنا مغيرة، عن مجاهد، قال: قال كعب بن عجرة: والذي نفسي بيده لفي أنزلت هذه الآية، ولإياي عنى بها: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكِ﴾، قال: كنا مع النبي بالحديبية ونحن محرمون، وقد حصرنا المشركون، وكانت لي وفرة، فجعلت الهوام تساقط على وجهي، فمر بي النبي ، فقال: «كأن هوام رأسك تؤذيك؟»، قال: قلت: نعم، قال: «فاحلق». ونزلت هذه الآية. قال مجاهد: الصيام ثلاثة أيام، والطعام لستة مساكين، والنسك شاة فصاعدا.

وهو حديث صحيح؛ باعتبار أنا عرفنا الواسطة التي سقطت من هذا الإسناد، وأنه ثقة مشهور، فقد تتابع الثقات على كونه عبد الرحمن بن أبي ليلى، وآخره مقطوع على مجاهد قوله: الصيام ثلاثة أيام، والطعام لستة مساكين، والنسك شاة فصاعدا.

فقد رواه عبد الكريم بن مالك الجزري، وأيوب السختياني، وحميد بن قيس الأعرج، وسيف بن سليمان المكي، وعبد الله بن أبي نجيح، وأبو بشر جعفر بن إياس، وعبد الله بن عون: عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة.

وعلى هذا: فكل من رواه عن مجاهد عن كعب: فقد قصر بإسناده. وكذلك: فإن التخيير في الفدية قد ثبت مرفوعا من حديث مجاهد عن ابن أبي ليلى عن كعب، أن النبي أمره أن يحلق رأسه، وأن يصوم ثلاثة أيام، أو يطعم ستة مساكين، أو ينسك نسيكة، وقال في بعض الروايات الصحيحة: شاة. كما ثبت أيضا: مقطوعا على مجاهد، قوله: الصيام ثلاثة أيام والطعام لستة مساكين، والنسك: شاة فصاعدا. وبهذا الاعتبار صححه الترمذي، وإلا فإن المغيرة بن مقسم، وهو أحد الثقات المتقنين، قد قصر بإسناده حين أسقط عبد الرحمن بن أبي ليلى من الإسناد، وحين اقتصر على تفسير مجاهد للآية. فهذه صور من بعض الأوهام التي وقعت للثقات في هذا الحديث بعينه [سيأتي تخريجها في موضعها]، فلا يستغرب حينئذ وقوع الوهم لداود بن أبي هند، والله أعلم.

والحاصل: فإن المحفوظ في إسناد هذا الحديث هو ما رواه:

حماد بن سلمة، وهمام بن يحيى عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة بإثبات ابن أبي ليلى في الإسناد.

وأما المتن: فيمكن الجمع بين لفظ حماد بن سلمة: أن رسول الله أتى عليه وهو يحتش تحت قدر له، والقمل يتناثر من رأسه، وهو محرم، قال: «أيؤذيك هوام رأسك؟»، قال: نعم، قال: «فاحلق رأسك، وإن شئت فانسك نسيكة، وإن شئت فصم ثلاثة أيام، وإن شئت فأطعم ثلاثة أصواع من تمر ستة مساكين».

وبين لفظ وهيب بن خالد عن داود، حيث قال: مر بي رسول الله عام الحديبية، وعلي وفرة من أصل كل شعرة إلى فرعها قمل وصئبان، فقال: «إن هذا لأذى؟»، قلت: نعم، يا رسول الله، قال: «فاحلق، واذبح، أو صم ثلاثة أيام، أو تصدق بثلاثة أصع من تمر

<<  <  ج: ص:  >  >>