للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم والسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ﴿﴾ [المائدة: ٩٦]، وقال تعالى: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغُ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلِّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا﴾ [فاطر: ١٢]، (فسمى تعالى كل ماء عذب أو ملح بحرا، … ، ثم حرم بالإحرام وفي الحرم صيد البر، ولم يحرم صيد البحر، فكان ما عدا صيد البر حلالا كما كان إذ لم يأت ما يحرمه، وبالله تعالى التوفيق).

وقال أيضا (٦/ ٦٠): «مسألة: وأما ما يسكن جوف الماء ولا يعيش إلا فيه فهو حلال كله كيفما وجد، سواء أخذ حيا ثم مات أو مات في الماء»، طفا أو لم يطف، أو قتله حيوان بحري أو بري هو كله حلال أكله، وسواء خنزير الماء، أو إنسان الماء، أو كلب الماء، وغير ذلك، كل ذلك حلال أكله: قتل كل ذلك وثني أو مسلم أو كتابي، أو لم يقتله أحد.

برهان ذلك قول الله تعالى: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغُ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحُ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلِّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا﴾ [فاطر: ١٢]، وقال تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ﴾ [المائدة: ٩٦]، فعم تعالى ولم يخص شيئا من شيء، ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ [مريم: ٦٤].

وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٦/ ٢٢٣): «قال مالك: يؤكل ما في البحر من السمك والدواب وسائر ما في البحر من الحيوان، وسواء اصطيد أو وجد ميتا طافيا وغير طاف، قال: وليس شيء من ذلك يحتاج إلى ذكاة، لقول رسول الله : «هو الطهور ماؤه الحل ميتته»، وكره مالك خنزير الماء من جهة اسمه ولم يحرمه، وقال: أنتم تقولون: خنزير، قال ابن القاسم: أنا أتقيه ولا أراه حراما، وقال ابن أبي ليلى: لا بأس بأكل كل شيء يكون في البحر من الضفدع والسرطان وحية الماء وغير ذلك، وهو قول الثوري في رواية الأشجعي، وروى عنه أبو إسحاق الفزاري أنه قال: لا يؤكل من صيد البحر إلا السمك، وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يؤكل السمك الطافي، ويؤكل ما سواه من السمك، ولا يؤكل شيء من حيوان البحر إلا السمك، وقال الأوزاعي: صيد البحر كله حلال، ورواه عن مجاهد، وكره الحسن بن حي أكل الطافي من السمك، وقال الليث ابن سعد: ليس بميتة البحر بأس، قال: وكذلك كلب الماء وترس الماء، قال: ولا يؤكل إنسان الماء ولا خنزير الماء، وقال الشافعي: ما يعيش في الماء فلا بأس بأكله وأخذه ذكاته ولا بأس بخنزير الماء».

وقال ابن العربي في المسالك شرح الموطأ (٤/ ٣٥٧): (المسألة السابعة): ودواب البحر والأنهار والبرك وغيرها يجوز للمحرم صيدها، قاله مالك في المختصر. والسلحفاة عندي مما يجوز للمحرم اصطياده على قول مالك أنها تؤكل بغير ذكاة وهي ترس الماء، وأما على قول ابن نافع من أنها لا تؤكل بغير ذكاة، فإنه لا يجوز للمحرم اصطيادها، وبه قال عطاء فيما يعيش في البر والبحر؛ أنه إن قتله محرم فعليه الجزاء، والسلحفاة مما يعيش في البر والبحر.

<<  <  ج: ص:  >  >>