على أبي بكر الصديق، ولا يثبت عنه، ولكن أحببت التنبيه على أن المحرم لا يحرم عليه صيد شيء من ذلك، سواء قلنا بأنه يذكى، أو قلنا بعدم تذكيته، إذ إن الله تعالى قد أباح ذلك كله للمحرم، ولم يستثن منه شيئاً، وسيأتي نقل بعض أقوال الفقهاء في ذلك، والله أعلم.
٣ - عن أبي مجلز لاحق بن حميد:
يرويه: وكيع بن الجراح [ثقة حافظ]، عن عمران بن حدير [ثقة ثقة]، من أوثق شيوخ البصرة، عن أبي مجلز، في قوله: ﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا﴾، قال: «ما كان يعيش في البر والبحر فلا يصيده، وما كان حياته في الماء فذلك له».
أخرجه ابن أبي شيبة (٩/ ١٥٣/ ١٦٦٤٥ - ط الشثري)، وابن جرير الطبري في التفسير (٨/ ٧٤٨)، وابن أبي حاتم في التفسير (٤/ ١٢١٣/ ٦٨٤٩).
وهذا مقطوع على أبي مجلز بإسناد صحيح، وقد سبق تفصيل ذلك، وبيان أن ما كان غالب وقته في الماء مثل كلب الماء وترس الماء فهو من صيد البحر يحل للمحرم صيده، بخلاف طير البحر والبط والأوز.
٤ - عن مجاهد بن جبر:
يرويه: محمد بن حميد قال: ثنا جرير [جرير بن عبد الحميد: ثقة]، عن ليث، عن مجاهد، في قوله: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ﴾ [المائدة: ٩٦]، قال: «يصطاد المحرم والمحل من البحر، ويأكل من صيده».
أخرجه ابن جرير الطبري في التفسير (٨/ ٧٢٥).
وهذا مقطوع على مجاهد بإسناد ضعيف، ليث بن أبي سليم: ضعيف؛ لاختلاطه وعدم تميز حديثه، ومحمد بن حميد الرازي: حافظ، أجمع أهل بلده على ضعفه، وكذبه بعضهم، وهو كثير المناكير.
هذا ما وقفت عليه من أقوال الصحابة والتابعين، والصواب في المسألة التفصيل كما سبق بيانه، وهو قول عطاء بن أبي رباح، فكل ما كان من صيد البحر فهو حلال للمحرم صيده وأكله، لعموم الآية، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
الله ومن أقوال الفقهاء في هذه المسألة:
قال مالك في الموطأ (١/ ٤٧٥/ ١٠١٤ - رواية يحيى الليثي) (١١٤٤ - رواية أبي مصعب): «في صيد الحيتان في البحر والأنهار والبرك وما أشبه ذلك: إنه حلال للمحرم أن يصطاده».
وقال سحنون في المدونة عن ابن القاسم (٢/ ٤٤٥): «قال مالك: ولا بأس بصيد البحر كله للمحرم، والأنهار والغدر والبرك، وإن أصاب من طير الماء شيئاً فعليه الجزاء.
قال: وقال مالك: يؤكل كل ما في البحر الطافي وغير الطافي من صيد البحر كله ويصيده المحرم. قال: وقال مالك: الضفدع من صيد البحر. قال: وقال مالك: ترس