عن ابن جريج، قال: سألت عطاء عن ابن الماء، أصيد بر أو أصيد بحر، وعن أشباهه؟ فقال: حيث يكون أكثر فهو صيد [وفي رواية: فهو صيده].
وقال ابن جريج: وسأل إنسان عطاء [وأنا حاضر] عن حيتان بركة القسري - وهي بئر [وفي رواية: بركة] عظيمة في الحرم [بأصل ثبير]- أيصاد؟ قال: نعم، والله لوددت عندنا منها شيء.
قال: وسألته عن صيد الأنهار، وقلات المياه، أليس من صيد البحر؟ قال: بلى، وتلا: ﴿وَهَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ﴾ [الفرقان: ٥٣]، ﴿وَمِنْ كُلِّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا﴾ [فاطر: ١٢]. لفظ عبد المجيد [عند الفاكهي]، وبنحوه لفظ الزنجي [عند الأزرقي]، وفي رواية عبد الرزاق تحريف، ورواه أبو عاصم والقداح بأحد أطرافه.
أخرجه الشافعي في الأم (٣/ ٤٦٤/ ١٢٠١)، وعبد الرزاق (٥/ ١٦٤/ ٨٦٨٩ - ط التأصيل الثانية)، والأزرقي في أخبار مكة (٢/ ١٤١)، والفاكهي في أخبار مكة (٣/ ٣٧٨/ ٢٢٤٨)، وابن جرير الطبري في التفسير (٨/ ٧٤٩)، والبيهقي في الكبرى (٥/ ٢٠٨)، وفي المعرفة (٧/ ٤٧٢/ ١٠٧٣٨ و ١٠٧٣٩).
وهذا مقطوع على عطاء بإسناد صحيح، والشاهد منه: أن ما كان مكثه في الماء أكثر فهو من صيد البحر، مثل: ترس الماء، وكلب الماء، وهذا غالبا: يسكن جوف الماء ويعيش فيه غالب وقته، وأما ما كان مكثه في البر أكثر فهو من صيد البر، مثل طيور البحر، فإنها تغوص في الماء للصيد، ولكن عامة وقتها في الجو، ثم تأوي إلى أعشاشها في البر، ومثل البط والأوز، وإن كانت تمكث مدة سابحة على سطح الماء، فلا تسكن جوف الماء، وتمكث أيضا على البر، فهي من صيد البر، تحرم على المحرم، وفيها الجزاء.
* ورواه هشيم بن بشير [ثقة ثبت]، عن الحجاج، عن عطاء، قال: الذي يعيش في البحر والبر، فأصابه محرم، فعليه جزاؤه.
أخرجه عبد الرزاق (٥/ ١٦٤/ ٨٦٩٠ - ط التأصيل الثانية).
وهذا مقطوع على عطاء بإسناد لين، وحجاج بن أرطاة: ليس بالقوي، وقد سمع عطاء، وكان راوية له، وأكثر عنه جدا، فهو صالح في المتابعات؛ لكنه هنا خالف في عطاء: ابن جريج، وهو: ثقة حافظ، كان أثبت الناس في عطاء بن أبي رباح، وهو راويته، لزمه سبع عشرة سنة [التهذيب (٢/ ٦١٦)]، قال أبو حاتم:«من خالف ابن جريج في عطاء؛ فقد وقع في شغل» [العلل (٨٧٠)].
وعلى هذا: فإن الصحيح عن عطاء في الحيوان البرمائي: التفصيل بحسب طول المكث.
* قال البخاري في الصحيح (٧/ ٨٩) قبل الحديث رقم (٥٤٩٣): «باب قول الله تعالى» ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ﴾. وقال عمر: صيده ما اصطيد وطعامه ما رمى به. وقال