للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بقدوم رسول الله ، وكل يحبُّ أن يتقرب إليه ويهدي إليه، فلعل الصعب إنما صاده لأجل النبي ، وإذا كان هذا يكون تركه واجباً، أو يكون خشي أن يكون صيد لأجله، فيكون قد تركه تنزهاً، وكذلك قال الشافعي ، «كما كان يدع التمرة خشية أن تكون من تمر الصدقة»، ثم ذكر حديث ابن عباس عن زيد بن أرقم، وحديث الحسن بن محمد عن عائشة [ولا يثبت]، وحديث عبد الله بن الحارث عن عثمان وعلي، وأثر عبد الله بن عامر بن ربيعة عن عثمان قوله: إنما صيد من أجلي، وأثر بسر بن سعيد عن عثمان، وهو منقطع، وما روي عن ابن عباس وعثمان موقوفاً، إلى أن قال: «فيشبه - والله أعلم - أن يكون ما صيد بعد حرمه يخاف أن يكون صيد لأجله، بخلاف ما صيد قبل الحرم، فتتفق الآثار المروية في ذلك عن الصحابة على تفسير الحديث»، ثم ذكر حديث طلحة بن عبيد الله، وحديث عمير بن سلمة الضمري وحديث أبي قتادة، ثم أثر عمر وأبي هريرة، ثم فصل في بيان هل المراد بالآية فعل الصيد أم المصيد نفسه، إلى أن قال: «فإذا كان الحلال هو الذي قد صاده كما أباحه الله له وذكاه لم يقع شيء من الفعل المكروه، فلا وجه للتحريم على المحرم، وخرج على هذا ما إذا كان قصد الحلال اصطياده للحرام، فإن المحرم صار له سبب في قتل الصيد وإن لم يقصده، فإذا علم الحلال أن ما صاده الحلال لا يحل، كفَّ الحلال عن الاصطياد لأجل الحرام، فلم يبق للمحرم سبب في قتله بوجه من الوجوه، وصار وجود المحرم في قتل الصيد كعدمه».

ثم ذكر (٤/ ٦١٦) أن الصيد اسم للحيوان الذي يصاد، وهذا إنما يتناوله إذا كان حياً، فأما بعد الموت فليس بصيد، وقال: «فإذا صاد المحرم الصيد وأكله، فقد أكل لحم الصيد وهو محرم، أما إذا كان قد صيد قبل إحرامه، أو صاده حلال لنفسه ثم جاء به قدِيداً أو شواء أو قديراً، فلم يتعرَّض المحرم لصيد البر، وإنما تعرض لطعامه، وقد فرق الله بين صيد البحر وطعامه، فعلم أن الصيد هو ما اصطيد منه، والطعام ما لم يصطد منه، إما لكونه قد طفا أو لكونه قد مُلِّح، ثم إنما حرم على المحرم صيد البر خاصة دون طعام صيد، فعلم أنه إنما حرم ما اصطيد في حال الإحرام. فإذا كان قد اصطاده هو أو اصطيد لأجله فقد صار للمحرم سبب في قتله حين هو صيد، فلا يحل له. أما إذا صاده الحلال وذبحه لنفسه، ثم أهداه أو باعه للمحرم فلم يصادفه المحرم إلا وهو طعام لا صيد، فلا يحرم عليه، وهذا بين حسن. وقد روي عن عروة عن الزبير أنه كان يتزود صفيف الظباء في الإحرام، رواه مالك».

وقال في مجموع الفتاوى (٢٦/ ١٧٤): واختلف الناس في أكل المحرم لحم الصيد الذي صاده الحلال وذكاه على ثلاثة أقوال: فقالت طائفة من السلف: هو حرام اتباعاً لما فهموه من قوله تعالى: ﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً﴾، ولما ثبت عن النبي من أنه رد لحم الصيد لما أهدي إليه. وقال آخرون منهم أبو حنيفة: بل هو مباح مطلقاً عملاً بحديث أبي قتادة لما صاد الحمار الوحشي وأهدى لحمه للنبي وأخبره بأنه لم يصده

<<  <  ج: ص:  >  >>