غيرها؛ فلحمه حرام على هذا المحرم، فإن صاده حلال لنفسه ولم يقصد المحرم ثم أهدى منه للمحرم أو باعه أو وهبه فهو حلال للمحرم أيضاً. هذا مذهبنا، وبه قال مالك وأحمد وداود، وقال أبو حنيفة: لا يحرم عليه ما صيد له بغير إعانة منه، وذكر نحواً مما قال في شرح مسلم.
وقال ابن تيمية في شرح العمدة (٤/ ٥٦٦ - ط عطاءات العلم): «مسألة: السادس: قتل صيد البر، وهو ما كان وحشياً مباحاً، فأما صيد البحر والأهلي وما حرم أكله فلا شيء فيه، إلا ما كان متولداً من مأكول وغيره. وجملة ذلك: أن الحيوانات بالنسبة إلى المحرم قسمان: أحدهما: ما يباح له ذبح جميعه بلا شبهة ولا كراهة، وهو الحيوان الإنسي من الإبل والبقر والغنم والدجاج والبط والحيوان البحري؛ لأن الأصل حل جميع الحيوانات إلا ما حرم الله في كتابه، وإنما حرم صيد البر خاصة، … ، القسم الثاني: صيد البر، فهذا يحرم عليه في الجملة؛ … ، والصيد الذي يضمن بالجزاء له ثلاث صفات: أحدها: أن يكون أصله متوحشاً … . الثاني: أن يكون برياً … ، الثالث: أن يكون مباحاً أكله، فإذا كان مباحاً فإنه يضمن بغير خلاف، كالظباء والأوعال والنعام ونحو ذلك، … ، فأما ما لا يؤكل فقسمان: أحدهما يؤذي، كالمأمور بقتله وما في معناه. والثاني: غير مؤذ، فالمباح قتله لا كفارة فيه، … »، إلى أن قال (٤/ ٥٩٨): «وإن أعان المحرم حلالاً بدلالة أو إعارة آلة ونحو ذلك، فقال القاضي وأصحابه: هو ذكي مباح للحلال ولغير المحرم الدال؛ لأن في حديث أبي قتادة: … »، فساقه، وفي آخره:«فقال: هل منكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها؟»، قالوا: لا، قال:«فكلوا ما بقي من لحمها». رواه البخاري. وفي لفظ مسلم «: هل معكم أحد أمره أو أشار إليه بشيء؟»، قال: قالوا: لا، قال:«فكلوا ما بقي من لحمها». «وهذا يقتضي أنه لو أشار بعضهم حرم على جميعهم».
إلى أن قال (٤/ ٦٠٢): «فصل: فأما ما صاده الحلال بغير معونة من المحرم وذكاه، فإنه مباح للمحرم إذا لم يصده لأجله ولا عقره لأجله، ومتى فعل ذلك لأجله فهو حلال للحلال، حرام على المحرم، سواء علم الحرام بذلك أو لم يعلم.
وهل يحرم على غيره؟ … نص على هذا في رواية الجماعة؛ فقال: إذا صيد الصيد من أجله لم يأكله المحرم، ولا بأس أن يأكل من الصيد إذا لم يُصد من أجله إذا اصطاده الحلال، … »، ثم احتج على ذلك بحديث جابر، واحتجاج الشافعي وأحمد به، واحتجاج أحمد بحديث أبي قتادة، ثم قال:«وهذا يدل على صحة الحديث عنده»، ثم قال عن حديث جابر:«وهذا الحديث مفسر لما جاء عن النبي ﷺ من كراهة صيد الحلال للمحرم ومن إباحته له»، ثم أورد ألفاظ حديث الصعب بن جثامة، ثم قال:(فهذا لم يكن النبي ﷺ أعان عليه بوجه من الوجوه، ولا أمر به، ولا علم أنه يصاد له، وإنما يشبه والله أعلم - أن يكون قد رأى لما أهداه أنه صاده لأجله؛ لأن الناس كانوا قد تسامعوا)