• وقال النووي في شرح مسلم (٨/ ١٠٦): «قال أصحابنا: يجب الجمع بين هذه الأحاديث، وحديث جابر هذا صريح في الفرق، وهو ظاهر في الدلالة للشافعي وموافقيه، ورد لما قاله أهل المذهبين الآخرين، ويحمل حديث أبي قتادة على أنه لم يقصدهم باصطياده، وحديث الصعب أنه قصدهم باصطياده، وتحمل الآية الكريمة على الاصطياد وعلى لحم ما صيد للمحرم، للأحاديث المذكورة المبينة للمراد من الآية.
وأما قولهم في حديث الصعب: أنه ﷺ علل بأنه محرم؛ فلا يمنع كونه صيد له؛ لأنه إنما يحرم الصيد على الإنسان إذا صيد له بشرط أنه محرم، فبين الشرط الذي يحرم به.
قوله ﷺ: «إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم فيه جواز قبول الهدية للنبي ﷺ بخلاف الصدقة، وفيه أنه يستحب لمن امتنع من قبول هدية ونحوها لعذر أن يعتذر بذلك إلى المهدي تطييباً لقلبه».
ثم قال (٨/ ١٠٧): قوله: فسقط مني سوطي، فقلت لأصحابي وكانوا محرمين: ناولوني السوط، فقالوا: والله لا نعنيك عليه بشيء، وقال في الرواية الأخرى: أن رسول الله ﷺ قال: هل أشار إليه إنسان منكم، أو أمره بشيء؟»، قالوا: لا، قال:«فكلوه»؛ هذا ظاهر في الدلالة على تحريم الإشارة والإعانة من المحرم في قتل الصيد، وكذلك الدلالة عليه وكل سبب وفيه دليل للجمهور على أبي حنيفة في قوله: لا تحل الإعانة من المحرم إلا إذا لم يمكن اصطياده بدونها. قوله: فقال بعضهم: كلوه، وقال بعضهم: لا تأكلوه، ثم قال: فقال النبي ﷺ: «هو حلال فكلوه»؛ فيه دليل على جواز الاجتهاد في مسائل الفروع، والاختلاف فيها، والله أعلم. قوله ﷺ:«هو حلال فكلوه»؛ صريح في أن الحلال إذا صاد صيداً ولم يكن من المحرم إعانة ولا إشارة ولا دلالة عليه حل للمحرم أكله، وقد سبق أن هذا مذهب الشافعي والأكثرين … .، قوله ﷺ:«هل معكم من لحمه شيء؟»، وفي الرواية الأخرى:«هل معكم منه شيء؟»، قالوا: معنا رجله، فأخذها رسول الله ﷺ فأكلها؛ إنما أخذها وأكلها تطييباً لقلوبهم في إباحته، ومبالغة في إزالة الشك والشبهة عنهم، بحصول الاختلاف بينهم فيه قبل ذلك … .، قوله ﷺ:«أشرتم أو أعنتم أو أصدتم»؛ روي بتشديد الصاد وتخفيفها، وروي صدتم، قال القاضي: رويناه بالتخفيف في أصدتم ومعناه: أمرتم بالصيد، أو جعلتم من يصيده، وقيل: معناه أثرتم الصيد من موضعه، يقال: أصدت الصيد مخفف أي: أثرته، قال: وهو أولى من رواية من رواه صدتم، أو أصدتم بالتشديد؛ لأنه ﷺ«قد علم أنهم لم يصيدوا، وإنما سألوه عما صاد غيرهم، والله أعلم. قوله: فلما استيقظ طلحة وفق من أكله؛ معناه: صوبه، والله أعلم».
وقال النووي في المجموع (٧/ ٣٢٤): (المسألة الثالثة): ما صاده المحرم، أو صاده
له حلال بأمره، أو بغير أمره، أو كان من المحرم فيه إشارة أو دلالة أو إعانة بإعارة آلة أو