للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لا يعلم، أو يدفع إلى القاتل آلة لولاها ما قدر القاتل على قتله، فيكون المحرم حينئذ قاتلاً، يجب عليه الجزاء ويحرم عليه الأكل.

«فأما من ذهب إلى تحريمه على المحرم بكل حال: فاستدل بحديث الصعب بن جثامة»، فذكره ثم قال: «وأما أبو حنيفة؛ حيث ذهب إلى إباحته للمحرم، وإن صيد من أجله أو أعان على قتله؛ فاستدل بأن قال: لأنه صيد لم يضمنه المحرم، فوجب ألا يحرم أكله على المحرم، أصله إذا صاده المحل لنفسه بغير معونة المحرم»، ثم احتج على أبي حنيفة بحديث جابر: «لحم صيد البر لكم حلال وأنتم حرم ما لم تصيدوه أو يصاد لكم»، وقال بأن فيه دلالة على أبي حنيفة حيث قال: يجوز أن يأكله من صيد له، ثم احتج بحديث أبي قتادة والذي علق الإباحة فيه على عدم الإعانة والإشارة؛ فدل على أنه حرام عليهم لو أعانوا عليه، ثم احتج بقول عثمان: «إنما صيد من أجلي»، ثم رجع إلى الجواب عن حديث الصعب بن جثامة وذكر عنه جوابين الأشبه منهما بالصواب: أنه محمول على أنه قد صاده لرسول الله ؛ فلذلك رده عليه وهو الأشبه بالحال، وقد بينت ذلك في موضعه، والله أعلم.

ثم قال: «فإذا تقرر هذا: فإن أكل المحرم صيداً لم يقتله المحل لأجله ولا بمعونته فقد أكل حلالاً، ولا شيء عليه، وإن أكل المحرم من صيد قتله المحل لأجله أو بمعونته فقد أكل حراماً وهل عليه جزاء ما أكل أم لا؟ على قولين: أحدهما: عليه الجزاء، وبه قال في القديم»، ثم بين المدرك لهذا القول، ثم قال: «والقول الثاني: لا جزاء عليه، وبه قال في الجديد والإملاء؛ لأن ما قتله المحرم بنفسه أغلظ تحريماً مما قتله المحل لأجله، فلما لم يجب عليه الجزاء في أكل ما قتله بنفسه فأولى ألا يجب عليه الجزاء في أكل ما قتله لأجله»، وذكر بأنه أصح القولين، ثم ذكر مسائل أخرى.

وقال ابن حزم في المحلى (٥/ ٢٨١) (٨/ ٤٦٨ - ط بشار): «وكل ما صاده المحل في الحِلِّ فأدخله الحرم، أو وهبه لمحرم، أو اشتراه محرم فحلال للمحرم، ولمن في الحرم ملكه، وذبحه، وأكله، وكذلك من أحرم وفي يده صيد قد ملكه قبل ذلك، أو في منزله قريباً أو بعيداً، أو في قفص معه فهو حلال له - كما كان - أكله، وذبحه وملكه، وبيعه»، ثم تكلم في دلالة الآية وهل المقصود بالصيد المحرَّم على المحرم هو الشيء المتصيد، أم نفس فعل التصيد، وقال بأن أهل المقالة الأولى يحتجون بحديث الصعب بن جثامة وحديث زيد بن أرقم، وقد صححهما ابن حزم، ثم قال: «وهذا قول روي عن علي، ومعاذ، وابن عمر، وبه يقول أبو بكر بن داود»، ثم قال بأن الطائفة الأخرى احتجت بحديث أبي قتادة، وحديث طلحة بن عبيد الله، وحديث عمير بن سلمة الضمري، وهو قول عمر، وطلحة، وأبي هريرة، وابن مسعود، وأبي ذر، وغيرهم، ثم قال: «فكانت هذه الأخبار والتي قبلها صحاحاً كلها، فالواجب في ذلك الأخذ بجميعها، واستعمالها كما هي، دون أن يزاد في شيء منها ما ليس فيه، فيقع فاعل ذلك في الكذب، فنظرنا في هذه»

<<  <  ج: ص:  >  >>