وقال البيهقي في المعرفة (٧/ ٤٢٦) بعد رواية مالك: «وبهذا المعنى رواه: شعيب بن أبي حمزة، وصالح بن كيسان والليث بن سعد، ومعمر بن راشد، وابن أبي ذئب، ومحمد بن إسحاق بن يسار، ومحمد بن عمرو بن علقمة، عن الزهري: أنه أهدى حماراً وحشياً. وكان ابن عيينة يضطرب فيه. فرواية العدد الذين لم يشكوا فيه أولى».
وقال ابن عبد البر في التمهيد (٩/ ٥٤)(٦/ ١٤٨ - ط الفرقان): «وممن رواه عن ابن شهاب كما رواه مالك معمر، وابن جريج، وعبد الرحمن بن الحارث، وصالح بن كيسان، وابن أخي ابن شهاب، والليث بن سعد، ويونس بن يزيد، ومحمد بن عمرو بن علقمة، كلهم قالوا فيه: أهديت لرسول الله ﷺ حمار وحش؛ كما قال مالك.
وخالفهم: ابن عيينة، ومحمد بن إسحاق، فقالا فيه: أهدي لرسول الله ﷺ لحم حمار وحش. وقال ابن جريج في حديثه: قلت لابن شهاب: الحمار عقير؟ قال: لا أدري.
فقد بين ابن جريج أن ابن شهاب شك فلم يدر هل كان عقيراً أم لا؟ إلا أن في مساق حديثه: أهديت لرسول الله ﷺ حمار وحش فرده علي».
وقال ابن حجر في الفتح (٤/٣٢): «لم تختلف الرواة عن مالك في ذلك، وتابعه عامة الرواة عن الزهري، وخالفهم: ابن عيينة عن الزهري، فقال: لحم حمار وحش، أخرجه مسلم. لكن بين الحميدي صاحب سفيان أنه كان يقول في هذا الحديث: حمار وحش، ثم صار يقول: لحم حمار وحش، فدل على اضطرابه فيه. وقد توبع على قوله: لحم حمار وحش؛ من أوجه فيها مقال».
قلت: الزيادة التي زادها ابن عيينة في هذا الحديث، وهي:«لحم»؛ زيادة شاذة مردودة، وقد نبه على شذوذها: مالك بن أنس، وابن جريج، والشافعي، والحميدي، ومسلم والبخاري، ويعقوب بن سفيان، والترمذي، وابن خزيمة والطحاوي، والبيهقي، وابن عبد البر.
• ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده (٢/ ٤٨١/ ٢٥١١)، قال: أخبرنا سفيان، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس؛ أن الصعب بن جثامة أهدى الرسول الله ﷺ لحم حمار وحش وهو محرم، فردَّه، فلما رأى الكراهية في وجهه، قال:«ليس بنا ردّ عليك، ولكنا حُرُم».
هكذا تابع ابن راهويه أصحاب ابن عيينة في إثبات هذه الزيادة الشاذة، وخالفهم فجعل الحديث من مسند ابن عباس؛ فوهم إنما يرويه ابن عيينة من مسند الصعب بن جثامة، وذكر فيه الخبر.
• ورواه أيضاً: الحميدي، وأبو بكر بن أبي شيبة، وزياد بن أيوب دلويه، ويوسف بن موسى القطان، ومحمد بن الصباح الجرجرائي [وهم ثقات، أكثرهم حفاظ]، وهشام بن عمار [دمشقي صدوق، إلا أنه لما كبر صار يتلقن]، قالوا: