للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قلت: هكذا خطأ الترمذي ابن عيينة، حين قال فيه: لحم حمار وحش، حيث قال: «وهو غير محفوظ».

وقال ابن خزيمة: «في مسألة ابن جريج الزهري وإجابته إياه: دلالة على أن من قال في خبر الصعب: «أهديت له لحم حمار»، أو: «رجل حمار» واهم فيه؛ إذ الزهري قد أَعْلَمَ أنه لا يدري الحمار كان عقيراً أم لا، حين أهدي للنبي ؟ وكيف يروي أن النبي أهدي له لحم حمار أو رجل حمار، وهو لا يدري كان الحمار المهدي إلى النبي عقيراً أم لا؟».

وقال أبو عوانة: «وكذا قال صالح بن كيسان، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة»، أي: لحم حمار وحش.

قلت: بل المحفوظ عن صالح بن كيسان عن الزهري؛ أنه قال فيه: حمار وحش، مثل بقية ثقات أصحاب الزهري، وجزم بذلك مسلم في صحيحه، حيث أخرجه من طريق: الليث بن سعد، ومعمر بن راشد، وصالح بن كيسان مقرونين عن الزهري به، ولم يسق لفظه، سوى ذكر موضع الشاهد الذي خالف فيه ابن عيينة، فقال: «كلهم عن الزهري بهذا الإسناد: أهديت له حمار وحش، كما قال مالك، فظهر بذلك المراد، والله أعلم.

وقال الطحاوي في شرح المعاني (٢/ ١٦٩): بعد رواية ابن عيينة وإسحاق بن راشد، بما يدل على كونه كان حماراً عقيراً، فقال أحدهما: لحم، وقال الآخر: رجل، وكلاهما خطأ، قال الطحاوي: هذا حديث مضطرب، قد رواه قوم على ما ذكرنا، ورواه آخرون، فقالوا: إنما أهدي إليه حماراً وحشياً، ثم احتج بحديث مالك، وابن أبي ذئب، والليث بن سعد، ثم قال: ففي هذه الأحاديث أن الهدية التي ردها رسول الله على الصعب من أجل أنه حرام، كانت حماراً وحشياً».

وقال أبو بكر الجصاص بعد ذكر رواية الحفاظ عن الزهري: «فهذا يدل على وهاء حديث سفيان، وأن الصحيح ما رواه مالك؛ لاتفاق هؤلاء الرواة عليه» [أحكام القرآن (٤/ ١٤٨)].

وأما البيهقي فقد ساق في الكبرى (٥/ ١٩٢) حديث مالك، وشعيب، والليث، بلفظ: «فأهدى له حماراً وحشياً»، ثم ذكر أن مسلماً قد أخرجه من طريق: صالح بن كيسان، ومعمر بن راشد، عن الزهري بمعناه، ثم قال: «كذلك رواه ابن أبي ذئب، ومحمد بن إسحاق بن يسار، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وغيرهم، عن الزهري. وخالفهم ابن عيينة».

ثم قال: «رواه مسلم في الصحيح، عن يحيى بن يحيى، وأبي بكر بن أبي شيبة، وعمرو الناقد، عن سفيان، وقال في الحديث: أهديت له من لحم حمار وحش، ورواه الحميدي عن سفيان على الصحة، كما رواه سائر الناس، عن الزهري».

قلت: قد أخبرنا الحميدي بحال ابن عيينة في هذا الحديث، وهو أنه كان أولاً يرويه مثل الناس عن الزهري: حمار وحش، ثم زاد فيه هذه الزيادة بعد، واستمر عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>