• قلت: وقد فضحت رواية ابن جريج خطأ ابن عيينة، فإن ابن جريج لما روى هذا الحديث عن الزهري، ختمه بسؤال الزهري، فقال: «قلت لابن شهاب: الحمار عقير؟ قال: لا أدري»؛ فلو كان الزهري يقول في الحديث: لحم حمار وحش، فكيف لا يدري؛ هل كان الحمار عقيراً، أم لا؟!
• وقال الشافعي في اختلاف الحديث (٢٤٣): «وفي حديث مالك: أن الصعب أهدى للنبي حماراً: أثبت من حديث من حدَّث: أنه أهدى له من لحم حمار، والله أعلم».
• وقال الحميدي: «وكان سفيان ربما جمعهما مرة في حديث واحد وربما فرقهما، وكان سفيان يقول: حمار وحش، ثم صار إلى: لحم حمار وحش».
وقال ابن إدريس: «فقيل لمالك: إن سفيان يقول: رجل حمار وحش، فقال: ذاك غلام، ذاك غلام» [أحكام القرآن لأبي بكر الجصاص (٤/ ١٤٨)].
وقال يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (٢/ ٧٢٦): «وقد أخطأ في حديث الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس.
قال سفيان: كان عمرو بن دينار حدثناه أولاً عن الزهري قبل أن نلقاه، فقال فيه: هم من آبائهم»، فلما حدَّثنا الزهري تفقدته، فلم يقل: «هم من آبائهم»، قال: «هم منهم».
في حديث الصعب بن جثامة: وكان سفيان يقول في الحديث: أهديت لرسول الله ﷺ لحم حمار وحشي، وربما قال سفيان: يقطر دماً، وربما لم يقل، وكان سفيان فيما خلا ربما قال: حمار، ثم صار إلى: لحم، حتى مات».
قلت: هذا باب طويل جمع فيه يعقوب بن سفيان في كتابه المعرفة، عن أبي بكر الحميدي؛ ما خالف فيه سفيان بن عيينة أصحاب الزهري، وكذلك مواضع الشك فيما رواه ابن عيينة وشك فيه، أو استثبته من غيره، وفي هذا الموضع: بيّن أن ابن عيينة أصاب في ضبط الرواية عن الزهري، حين خالف عمرو بن دينار، وتابع جماعة أصحاب الزهري، فقال فيه: «هم منهم»، ثم خطأ ابن عيينة في قوله: لحم حمار وحش، فقد كان قديماً يرويه عن الزهري مثلما يرويه بقية الثقات من أصحاب الزهري، ويقول: حمار وحش، ثم صار يحدث به فيقول: لحم حمار وحش، فأخطأ ابن عيينة، والله أعلم.
وقال الترمذي بعد حديث الليث بن سعد [وتقدم ذكره]: «هذا حديث حسن صحيح.
وقد ذهب قوم من أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ وغيرهم إلى هذا الحديث، وكرهوا أكل الصيد للمحرم. وقال الشافعي: إنما وجه هذا الحديث عندنا: إنما رده عليه لما ظن أنه صيد من أجله، وتركه على التنزه.
وقد روى بعض أصحاب الزهري عن الزهري هذا الحديث، وقال: أهدى له لحم حمار وحش، وهو غير محفوظ. وفي الباب: عن علي، وزيد بن أرقم». وحكاه الطوسي في مختصره.