للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لم يختلف في إسناده على مالك، ولا على ابن شهاب، وكل من في إسناده فقد سمعه بعضهم من بعض سماعا، كذلك في الإملاء [وفي طبعة الفرقان: في الآثار]: عن ابن شهاب، قال: أخبرني عبيد الله، قال: سمعت ابن عباس، قال: أخبرني الصعب بن جثامة. وقد قلنا في السند المعنعن في أول كتابنا ما فيه كفاية.

وممن رواه عن ابن شهاب كما رواه مالك: معمر، وابن جريج، وعبد الرحمن بن الحارث، وصالح بن كيسان، وابن أخي ابن شهاب، والليث بن سعد، ويونس بن يزيد، ومحمد بن عمرو بن علقمة، كلهم قالوا فيه: أهديت لرسول الله حمار وحش؛ كما قال مالك.

وخالفهم: ابن عيينة، ومحمد بن إسحاق، فقالا فيه: أهدي لرسول الله لحم حمار وحش. وقال ابن جريج في حديثه: قلت لابن شهاب: الحمار عقير؟ قال: لا أدري.

فقد بين ابن جريج أن ابن شهاب شك فلم يدر هل كان عقيرا أم لا؟ إلا أن في مساق حديثه: أهديت لرسول الله حمار وحش فرده علي، ثم ذكر بقية أوجه الاختلاف عن غير الزهري.

وقال أبو العباس الداني في الإيماء (٢/ ٢٥٩): «هكذا قال مالك في هذا الحديث: ابن عباس عن الصعب، وقال فيه الليث، ومعمر، وصالح، وغيرهم عن الزهري: أن الصعب أخبره. وفي رواية سفيان بن عيينة عن الزهري بهذا الإسناد: أن الصعب قال: أهديت له من لحم حمار وحش.

وفي رواية سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: أهدى الصعب، لم يسنده إليه وجعله لابن عباس. خرجه مسلم على الوجهين، وأدخله الطيالسي والبزار وغيرهما في مسند ابن عباس. والخلاف في متنه كثير».

قلت: الاختلاف في كونه من مسند ابن عباس، أم من مسند الصعب لا يضر، فكلاهما صحابي، وكان ابن عباس يفعل هذا كثيرا، يحمل الحديث عن غيره من الصحابة، ثم يرسله عنهم، ومرسل الصحابي صحيح محتج به، وأما هنا مع اتحاد المخرج عن الزهري، فالصحيح من رواية أثبت أصحابه وأكثرهم عنه رواية: أنه من مسند الصعب بن جثامة، أخبر به ابن عباس، ففي رواية شعيب - عند البخاري وغيره -: عن الزهري، قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة؛ أن عبد الله بن عباس أخبره؛ أنه سمع الصعب بن جثامة الليثي - وكان من أصحاب النبي ، يخبر أنه أهدى لرسول الله حمار وحش …

كذلك فإن اختلاف الناس في حديث ما لا يعد اضطرابا يرد به حديث الثقات، ولكن نرجح رواية الثقات الحفاظ الذين هم أكثر عددا، وملازمة، وأشهر بضبط حديث الزهري، مثل: مالك، ومعمر، وشعيب، والزبيدي، ويونس، وصالح بن كيسان، والليث بن سعد، وغيرهم ممن قال في الحديث: أهدى حمار وحش.

<<  <  ج: ص:  >  >>