قلت: عادة ابن خزيمة أنه لا يحتج بالخبر إذا بدأ بسياق متنه قبل الإسناد، وهنا قد سلك ابن خزيمة هذا المسلك؛ إذ ساق المتن قبل الإسناد.
قال ابن حجر في الإتحاف (٦/ ٤٧٧): «هذا اصطلاح ابن خزيمة في الأحاديث الضعيفة والمعللة؛ يقطع أسانيدها ويعلقها، ثم يوصلها».
وقال أيضاً في الإتحاف (٢/ ٣٦٥): «وقاعدة ابن خزيمة؛ إذا علق الخبر لا يكون على شرطه في الصحة؛ ولو أسنده بعد أن يعلقه».
ومثاله عند ابن خزيمة في صحيحه (١/ ٢٢٨/ ٤٤٥)، بعد أن ساق طريق خالد بن حيان الرقي عن ابن عجلان في النهي عن تشبيك الأصابع في المسجد، وأعله، قال: «وجاء خالد بن حيان الرقي بطامة»، ثم قال: «ولا أحلُّ لأحد أن يروي عني بهذا الخبر إلا على هذه الصيغة؛ فإن هذا إسناد مقلوب، … » [انظر: فضل الرحيم الودود (٦/ ٣٨٦/ ٥٦٢)].
فإن قيل: قد توبع الحسن بن بشر على إسناده؟ فيقال: ثبت العرش ثم انقش:
• فقد رواه حماد بن شعيب الحماني، عن أبي الزبير، عن طاووس، عن ابن عباس، عن البراء بن عازب؛ أن النبي ﷺ نزل مَرَّ الظَّهْرَان، فأُهدي عضو صيد [وفي المعجم الصغير: عضو ظبي]، فردَّه على الرسول، وقال: «اقرأ عليه السلام، وقل له: لولا أنا حرم ما رددناه عليك». لفظ الطبراني.
ولفظ الجرجاني: نزل رسول الله ﷺ ظهر مر، فأهدي له رِجلُ حِمارٍ، فردَّها النبي ﷺ، وقال للرسول: «أقْرِئه السَّلام، وقل له: لولا أنا حرم لم نرد هديتك».
أخرجه الطبراني في الأوسط (٢/ ٣٦٢/ ٢٢٣٤)، وفي الصغير (١/ ٩٥/ ١٢٩)، ومحمد بن إبراهيم الجرجاني في عدة مجالس من أماليه (٢٣٩)، والخطيب في تاريخ بغداد (٥/ ١٣٩)
قال الطبراني: «لم يروه عن أبي الزبير إلا حماد بن شعيب، تفرد به: الدباغ».
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٣/ ٢٣٠/ ٥٤١٤): «رواه الطبراني في الصغير والأوسط، وفيه حماد بن شعيب، وهو ضعيف».
قلت: هو حديث منكر بهذا الإسناد والسياق، تفرد به: حماد بن شعيب الحماني الكوفي، وقد ضعفوه، وقال البخاري: «فيه نظر» [اللسان (٣/ ٢٧٠)].
وقد روي عن حماد بن شعيب بإسنادين؛ أما طريق الطبراني ومن طريقه الخطيب: ففي إسناده: إبراهيم بن راشد الأدمي، وهو: صدوق، له أفراد ومناكير، وهذا منها، واتهمه ابن عدي بحديث أخطأ فيه، تكلم عليه في ترجمة حبان بن علي [الجرح والتعديل (٢/ ٩٩). الثقات (٨/ ٨٤). الكامل (٢/ ٤٢٧). تاريخ بغداد (٦/ ٧٤). اللسان (١/ ٢٧٧). الثقات لابن قطلوبغا (٢/ ١٨١)]، وقد تفرد به عن داود بن مهران الدباغ البغدادي، وهو: ثقة متقن [الجرح والتعديل (٣/ ٤٢٦). الثقات (٨/ ٢٣٥). تاريخ بغداد (٨/ ٣٦٢). التعجيل (٢٨٣). الثقات لابن قطلوبغا (٤/ ١٩٢)].