الحديث، ويدل على ذلك: أن ابن عباس هو الذي روى حديث الصعب وحديث زيد، وروى عبد الله في مسند أبيه: عن علي قال: أتي النبي ﷺ بلحم صيد وهو محرم، فلم يأكله».
• قلت: كلا الأثرين ضعيف عن عثمان، أما أثر بسر بن سعيد عن عثمان: فهو منقطع، ولا تقوم الحجة إلا بالمتصل، وأما أثر عبد الله بن الحارث عن عثمان وعلي: فهو ضعيف مضطرب في هذه الجملة، فإنه من رواية يزيد بن أبي زياد، وهو: ليس بالقوي، وقد اضطرب فيه، فأثبت مرة أن عثمان أكل من الصيد، ونفاه أخرى، والثابت من حديث عبد الله بن الحارث بن نوفل عن عثمان: أنه لم يأكل، والله أعلم.
وحاصل ما اجتمع عندنا من الروايات مما يصلح في الشواهد والمتابعات، مما تأتلف به الروايات:
• سليمان بن كثير، عن حميد الطويل، عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث، عن أبيه، وكان الحارث خليفة عثمان ﵁ على الطائف، فصنع لعثمان طعاما فيه من الحجل، واليعاقيب، ولحم الوحش، قال: فبعث إلى علي بن أبي طالب، فجاءه الرسول وهو يخبط لأباعر له، فجاءه وهو ينفض الخبط عن يده، فقالوا له: كل، فقال: أطعموه قوما حلالا؛ فإنا حرم، فقال علي ﵁: أنشد الله من كان هاهنا من أشجع، أتعلمون أن رسول الله ﷺ أهدي إليه رجل حمار وحش وهو محرم، فأبى أن يأكله؟ قالوا: نعم.
وهذا إسناد جيد، وهو حديث صحيح.
• علي بن زيد، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، قال: كان أبي الحارث على أمر من أمر مكة في زمن عثمان، فأقبل عثمان ﵁ إلى مكة، فقال عبد الله بن الحارث: فاستقبلت عثمان بالنزل بقديد، فاصطاد أهل الماء حجلا، فطبخناه بماء وملح، فجعلناه عراقا للثريد، فقدمناه إلى عثمان وأصحابه، فأمسكوا، فقال عثمان: صيد لم أصطده، ولم نأمر بصيده، اصطاده قوم حل فأطعموناه، فما بأس؟ فقال عثمان: من يقول في هذا؟ فقالوا: علي، فبعث إلى علي ﵁، فجاء، قال عبد الله بن الحارث: فكأني أنظر إلى علي حين جاء وهو يحث الخبط عن كفيه، فقال له عثمان: صيد لم نصطده، ولم نأمر بصيده، اصطاده قوم حل فأطعموناه، فما بأس؟ قال: فغضب علي، وقال: أنشد الله رجلا شهد رسول الله ﷺ حين أتي بقائمة حمار وحش، فقال رسول الله ﷺ:«إنا قوم حرم، فأطعموه أهل الحل»، قال: فشهد اثنا عشر رجلا من أصحاب رسول الله ﷺ، ثم قال علي: أنشد الله رجلا شهد رسول الله ﷺ حين أتي ببيض النعام، فقال رسول الله ﷺ:«إنا قوم حرم، أطعموه أهل الحل»، قال: فشهد دونهم من العدة من الاثني عشر، قال: فثنى عثمان وركه عن الطعام، فدخل رحله، وأكل ذلك الطعام أهل الماء.
وفي رواية: أن أباه صنع لعثمان بن عفان نزلا بقديد، فجيء بثريد عليه ذلك الحجل، فقال للقوم: كلوا، فإنما أصيبت من أجلي، قال: فقال القوم: هذا علي ينهانا