للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قديماً، وعلى هذا فإن المحفوظ عندي عن سماك في هذا الحديث: هو ما رواه عنه إسرائيل، وقد زاد فيه الرفع، وهي زيادة محفوظة، زادها: عبد الله بن الحارث بن نوفل عن علي، ونستفيد من رواية البقية إثبات أصل القصة والمتابعة، وأنه قد رواه سماك، عن صبيح بن عبد الله، عن عثمان وعلي، لكن لما كان صبيح بن عبد الله مجهولاً، ولم يذكر فيه سماعاً من عثمان ولا من علي، بل ولا يُعرف له سماع منهما، كما أن صورته صورة المرسل؛ فلم نعتمد من روايته إلا ما تابع فيه عبد الله بن الحارث بن نوفل عن علي، فما وافق روايته قبلناه، وما خالفه أو زاد عليه رددناه، والله أعلم.

• وحاصل ما صح من الروايات أن عثمان بن عفان كان يذهب إلى جواز أكل المحرم من الصيد الذي لم يصده المحرم، ولا أمر بصيده، وأما علي فكان يرى عدم جواز أكل المحرم من لحم الصيد مطلقاً، وروى أن رسول الله أهدي إليه رِجْلُ حمار وحش، وهو محرم، فأبى أن يأكله.

٢ - أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن عثمان وعلي:

• رواه هشيم بن بشير [ثقة ثبت]، قال: أخبرنا عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، قال: حج عثمان بن عفان، فحج معه علي، فأتي بلحم صيد صاده حلال، فأكل منه وهو محرم، ولم يأكل منه علي، فقال عثمان: إنه صيد قبل أن نحرم، فقال له علي: ونحن قد نزلنا وأهالينا لنا حلال، أفيحللن لنا اليوم؟

أخرجه ابن جرير الطبري في التفسير (٨/ ٧٤٠) (٨/ ١٤٢/ ٤٣٧ - ط ابن الجوزي)، وعلقه: ابن عبد البر في الاستذكار (٤/ ١٣٧).

قلت: وهذا منكر بهذا السياق، تفرد به عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف دون بقية أصحابه الثقات على كثرتهم: عمر بن أبي سلمة، وهو ليس بالقوي، له عن أبيه مناكير [انظر: التهذيب (٣/ ٢٣٠). الميزان (٣/ ٢٠١). إكمال مغلطاي (١٠/ ٦٤)].

قال ابن عبد البر في الاستذكار (٤/ ١٣٧) بعد ذكره معلقاً: «في هذه الرواية عن علي: أنه لم ير للمحرم أكل ما صاده الحلال، وإن كان صيد له قبل أن يحرم المحرم، وأن عثمان كان يخالطه في الغضب ويحاسبه، وكان يخالفه لأنه لا يرى بأساً بما صاده الحلال قبل إحرام المحرم، وأن يأكله المحرم في إحرامه، وقد روي عن علي خلاف هذه الرواية عنه وموافقته لرأي عثمان: ذكره إسحاق بن يوسف الأزرق، عن شريك، عن سماك بن حرب، عن صبيح بن عبد الله العبسي، قال: استعمل عثمان بن عفان أبا سفيان بن الحارث على العروض، … » فذكره، وفي آخره: «وقال له [عثمان القائل لعلي]: أما أنت فتأكل، وأما نحن فتنهانا؟ فقال له: إنه صيد عام أول وأنا حلال، فليس علي في أكله بأس، وصيد ذلك - يعني: اليعاقيب - وأنا حرام، وذبحن وأنا حرام»، قلت: كلاهما لا يصح، أما أثر أبي سلمة بن عبد الرحمن فهو منكر، وأما هذه الزيادة التي انفرد بها شريك فهي أيضاً منكرة، وشريك ممن تأخر سماعه من سماك بن حرب؛ فلعله مما تلقنه سماك، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>