قال: بعث عثمان بن عفان أبا سفيان بن الحارث على العروض، فنزل قديدا، فمر به رجل من أهل الشام معه باز وصقر، فاستعاره منه، فاصطاد به من اليعاقيب، فجعلهن في حظيرة، فلما مر به عثمان طبخهن، ثم قدمهن إليه، فقال عثمان: كلوا، فقال بعضهم: حتى يجيء علي بن أبي طالب، فلما جاء فرأى ما بين أيديهم، قال علي: إنا لن نأكل منه، فقال عثمان: ما لك لا تأكل؟ فقال: هو صيد، ولا يحل أكله وأنا محرم، فقال عثمان: بين لنا، فقال علي: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُم﴾ [المائدة: ٩٥]، فقال عثمان: أو نحن قتلناه؟ فقرأ عليه: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا﴾ [المائدة: ٩٦].
أخرجه ابن جرير الطبري في التفسير (٨/ ٧٣٨)(٨/١٤٠/٤٣٢ - ط ابن الجوزي).
قلت: شيخ الطبري، محمد بن حميد الرازي: حافظ، أجمع أهل بلده على ضعفه، وكذبه بعضهم، وهو كثير المناكير، لكنه قد توبع على أصله، فلا مانع أن يكون قد ضبطه، لاسيما مع كونه مكثرا، ويتابع الثقات أحيانا، والله أعلم.
د - ورواه عبد السلام بن حرب، عن يزيد بن عبد الرحمن الدالاني، عن سماك بن حرب، عن صبيح بن عبد الله، قال: أتي عثمان بلحم صيد وعنده علي، فأبى علي أن يأكل، وقرأ: ﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا﴾ [المائدة: ٩٦].
أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير (٤/ ١٢١٣/ ٦٨٤٧).
وهذا إسناد جيد في المتابعات، أبو خالد الدالاني يزيد بن عبد الرحمن: لا بأس به، له أوهام، ولا يتابع على بعض حديثه [التهذيب (٤/ ٥١٦). الميزان (٤/ ٤٣٢)].
وعبد السلام بن حرب: ثقة حافظ، له مناكير، قال ابن عدي:«يروي عن أبي خالد الدالاني بنسخة طويلة» [التقريب (٣٨٤). الكامل (٥/ ٣٣١)] [انظر ما تقدم معنا فيما أنكر على أبي خالد أو وهم فيه: فضل الرحيم الودود (٣/١٢/٢٠٣) و (١٩/ ٣٢٣/ ١٥٧٠)]، وأبو خالد الدالاني لم ينفرد به عن سماك، فقد توبع عليه.
قلت: وهذا الحديث قد رواه عن سماك بن حرب: إسرائيل بن يونس، وشريك بن عبد الله النخعي، وعمرو بن أبي قيس الرازي، وأبو خالد الدالاني.
وسماك بن حرب: صدوق، تكلم فيه لأجل اضطرابه في حديث عكرمة خاصة، وكان لما كبر ساء حفظه؛ فربما لقن فتلقن وأما رواية القدماء عنه فهي مستقيمة، قال يعقوب بن شيبة:«وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وهو في غير عكرمة صالح، وليس من المتثبتين، ومن سمع منه قديما - مثل شعبة وسفيان - فحديثهم عنه: صحيح مستقيم» [انظر: الأحاديث المتقدمة برقم (٦٨ و ٣٧٥ و ٤٤٧ و ٦٢٢ و ٦٥٦)]، وهذا الحديث ليس من رواية سماك عن عكرمة، والتي وقع لسماك فيها الاضطراب، فقد أمنا فيه سلوك الجادة والطريق السهل، فإن صبيح بن عبد الله عن عثمان وعلي: تحتاج إلى ضبط، وهذا الحديث رواه عنه من قدماء أصحابه: إسرائيل، وهو من طبقة: سفيان وشعبة، ممن سمع من سماك