بقديد، فجيء بثريد عليه ذلك الحجل، فقال للقوم: كلوا، فإنما أصيبت من أجلي، قال: فقال القوم: هذا علي ينهانا عن أكله، فأرسل إلى علي، فجاء وإنه ليمسح الخبط عن يديه، فقال له عثمان: كله [وفي ط التأصيل: فقال له عثمان كلمة]، فقال - يعني: عليا -: أنشد الله رجلا شهد رسول الله ﷺ حيث جاءه الأعرابي برجل حمار وحش، فرده رسول الله ﷺ، وقال:«إذهب إلى أهل الحل فإنا حرم»، أو كما قال، فقام ناس وشهدوا، ثم قال: أنشد الله - أو قال: أذكر الله - رجلا شهد رسول الله ﷺ حين جاءه الأعرابي ببيضات نعام، فقال رسول الله ﷺ:«إذهب به إلى أهل الحل، فإنا قوم محرمون»، فقام قوم شهدوا، فقلب عثمان وركه فدخل منزله، وقام القوم عن الطعام، فجاء أهل الحل فأكلوه.
ولفظ حماد بن سلمة [عند أحمد (١/ ١٠٣)، والطحاوي]: عن عبد الله بن الحارث بن نوفل؛ أن عثمان بن عفان ﵁ نزل قديدا، فأتي بالحجل في الجفان شائلة بأرجلها، فأرسل إلى علي وهو يضفر بعيرا له، فجاء والخبط يتحات من يديه، فأمسك علي ﵁ وأمسك الناس، فقال علي: من ههنا من أشجع؟ هل تعلمون أن النبي ﷺ جاءه أعرابي ببيضات نعام وتتمير وحش، فقال:«أطعمهن أهلك، فإنا حرم»؟ قالوا: بلى، فتورك عثمان عن سريره ونزل، فقال: خبثت علينا.
أخرجه أحمد (١/ ١٠٠ و ١٠٣)(١/ ٢٢٧ و ٧٩/ ٢٣٥ و ٨٢٩ - ط المكنز)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (١/ ١٠٠)(١/ ٢٢٨/ ٧٩٥ - ط المكنز)، والبزار (٣/١٢٨/٩١٤)، وأبو يعلى (١/ ٢٩٤ و ٣٤٠/ ٣٥٦ و ٤٣٢)(١/ ٣٦٣ و ٣٥٢/ ٣٩٤ و ٤٢٩ - ط التأصيل)، والطحاوي في شرح المعاني (٢/ ١٦٨/ ٣٧٨٤ و ٣٧٨٥). [الإتحاف (١١/ ٤٧٠/ ١٤٤٥٢)، المسند المصنف (٢١/ ٢٣٠/ ٩٥٦٢)].
قال البزار:«وهذا الحديث من أحسن ما يروى عن علي من الأسانيد في هذا الباب».
قلت: علي بن زيد بن جدعان؛ أحد علماء التابعين، لكنه ضعيف؛ وكان كثير الحديث واسع الرواية، فلم يوصف بأنه منكر الحديث، ولا حكموا على مجمل حديثه بالنكارة، وإنما وقعت المناكير في بعض حديثه، ولم يترك، بل لينه كثير من النقاد بقولهم:«ليس بالقوي»، وهي أخف مراتب الجرح، بل هذا قريب من قول أحد المتشددين فيه، وهو أبو حاتم الرازي حيث قال عنه: ليس بقوي، يكتب حديثه، ولا يحتج به، وهو أحب إلي من يزيد بن أبي زياد، وكان ضريرا، وكان يتشيع، وقال الترمذي:«وعلي بن زيد: صدوق؛ إلا أنه ربما يرفع الشيء الذي يوقفه غيره»، كذلك فلم يمتنع ابن مهدي من الرواية عنه، وقد روى عنه شعبة والسفيانان والحمادان والكبار، وأما ابن حبان فهو مع تعنته في الجرح ومبالغته في الحط على من له جرحة؛ فإنه لم يزد على أن ختم كلامه فيه بقوله:«فاستحق ترك الاحتجاج به»، يعني: إذا تفرد، وروى له مسلم مقرونا بثابت البناني