لازمة، بل يجب أن يكون المراد به السبع الذي يعتدي، أو السبع إذا اعتدى ونحو ذلك، أو السبع الذي من شأنه أن يعتدي على الناس فيأتيهم في أماكنهم، ونحو ذلك. كما يقال: الرجل الظالم، كما قال: الكلب العقور، فكان ذلك نوعاً خاصاً من الكلاب؛ فلذلك هذا يجب أن يكون نوعاً خاصاً من السباع لوجوه: … »، ثم ذكر ثلاثة أوجه في بعضها تكلف؛ ثم إن حديث أبي سعيد المشتمل على هذه اللفظة لا يثبت، ثم قال:«السابع: أن كثيراً من الدواب قد نهي عن قتلها في الإحلال، مثل: الضفدع، والنملة، والنحلة، والهدهد، والصرد، فكيف يكون جائزاً في الإحرام؟ وقد قال في الفواسق: «يقتلن في الحل والحرم».
الثامن: أنه ﷺ قال في الكلاب: «لولا أنها أمة من الأمم لأمرت بقتلها، فاقتلوا منها كل أسود بهيم»، متفق عليه [قلت: لم يخرجه الشيخان ولا أحدهما، إنما رواه أصحاب السنن، أخرجه أبو داود (٢٨٤٥)، والترمذي (١٤٨٦ و ١٤٨٩)، والنسائي في المجتبى (٧/ ١٨٥/ ٤٢٨٠)، وفي الكبرى (٤/ ٤٦٥/ ٤٧٧٣)، وابن ماجه (٣٢٠٥)، وغيرهم من حديث الحسن البصري عن عبد الله بن مغفل. التحفة (٩٦٤٩)، الإتحاف (١٠/ ٥٥٤/ ١٣٤١٢)، المسند المصنف (١٩/ ٣٢٥/ ٨٩٤٣)]، وهذا يقتضي أن كونها أمة وصف يمنع من استيعابها بالقتل، لتبقى هذه الأمة تعبد الله وتسبحه، نعم خص منها ما يضر بني آدم ويشق عليهم الاحتراز منه؛ لأن رعاية جانبهم أولى من رعاية جانبه، ويبقى ما يمكنهم الاحتراز منه على العموم، فعلى هذا قتله حرام أو مكروه، وبكل حال لا جزاء فيه، نص عليه، وإذا لم يقتل هذا، فغيره ممن لا يؤكل لحمه ولا في طبعه الأذى أولى أن لا يقتل. وقال ابن أبي موسى: للمحرم أن يقتل الحية والعقرب، والفأرة، والكلب العقور، والأسود البهيم، والسبع، والذئب، والحدأة، والغراب الأبقع والزنبور، والقرد، والنسر، والعقاب إذا وثب عليه، والبق، والبعوض، والحلم، والقردان، وكل ما عدا عليه وآذاه، ولا فدية عليه.
فأما على الرواية الأولى؛ فقال أبو الخطاب: يباح قتل كل ما فيه مضرة كالحية والعقرب، وسمى ما تقدم ذكره، وقال: والبرغوث والبق والبعوض والقراد والوزغ وسائر الحشرات والذباب، ويقتل النمل إذا آذاه.
وقال القاضي وابن عقيل: الحيوانات التي لا تؤكل ثلاثة أقسام: قسم يضر ولا ينفع، كالأسد والذئب والجرجس والبق والبرغوث والبعوض والعلق والقراد، فهذا يستحب قتله. الثاني: ما يضر وينفع كالبازي والفهد وسائر الجوارح من الطير ذي المخلب الذي ليس بمعلم، فقتله جائز، لا يكره ولا يستحب.
الثالث: ما لا يضر ولا ينفع، كالخنافس والجعلان وبنات وردان والرخم والذباب والنحل والنمل إذا لم يلسعه، فهذا يكره قتله ولا يحرم. قلت: وهذا التقسيم منسوب إلى الشافعية أيضاً، انظر: الأم للشافعي (٣/ ٥٣٩ و ٦٢٨ و ٦٣٣ و ٦٣٩ و ٦٤١ - ٦٥١)،