• وقال ابن تيمية في شرح العمدة (٤/ ٥٦٦ - ط عطاءات العلم): «مسألة: السادس: قتل صيد البر، وهو ما كان وحشيّاً مباحاً، فأما صيد البحر والأهلي وما حُرِّمَ أكله فلا شيء فيه، إلا ما كان مُتَولِّداً من مأكول وغيره.
وجملة ذلك: أنَّ الحيوانات بالنسبة إلى المحرم قسمان: أحدهما: ما يُبَاح له ذَبْحُ جميعه بلا شُبهة ولا كراهة، وهو الحيوان الإنسي من الإبل والبقر والغنم والدجاج والبط والحيوان البحري؛ لأنَّ الأصل حلُّ جميع الحيوانات إلا ما حرّم الله في كتابه، وإنما حرم صيد البر خاصة، … »، ثم سرد الآيات من سورة المائدة في تحريم صيد البر على المحرم، وإباحة صيد البحر. ثم قال:«القسم الثاني: صيد البر، فهذا يحرم عليه في الجملة؛ … »، ثم سرد الآيات من سورة المائدة، ثم قال:«والصيد الذي يُضْمَن بالجزاء له ثلاث صفات: … »، وهي: أن يكون وحشياً، برياً، مُباحاً أكله. ثم قال:«فأما ما لا يؤكل فقسمان: أحدهما: يُؤذي، كالمأمور بقتله وما في معناه. والثاني: غير مُؤْذ، فالمباح قتله لا كفارة فيه، وأما غير المؤذي فقال أبو بكر: كل ما قتل من الصيد مما لا يؤكل لحمه فلا جزاء فيه في أحد قولي أحمد، وفي الآخر: يَفْدي الثعلب والسنور وما أشبه ذلك، … ، قال في رواية حنبل: إنما جُعِلت الكفارة في الصيد المحلل أكله، فأما السبع فلا أرى فيه كفارة. وفي موضع آخر: سألت أبا عبد الله عن أكل الضبع؟ فقال: يؤكل، لا بأس بأكله. قال: وكل ما يُؤذى إذا أصابه المحرم فإنه يؤكل لحمه … .»، ونقل عن أكثر أصحاب أحمد وقُدَماء أصحابه: أن الثعلب يودى، وفيه الجزاء، لكنه سبع لا يؤكل لحمه، واحتج في رواية ابنه عبد الله على عدم أكل الثعلب بالنهي عن كل ذي ناب من السباع، ثم ذهب يُقَرِّر أن الصيد عندهم كان مأكول اللحم دون غيره، إلى أن قال: «قال أحمد في رواية حنبل: يقتل المحرم: الكلب العقور، والذئب، والسبع، وكل ما عدا من السباع، ولا كفارة عليه، ويقتل القرد، والنسر والعُقاب، إذا وَثَب، ولا كفارة، فإن قتل شيئاً من هذه من غير أن يَعدُو عليه، فلا كفارة عليه، ولا ينبغي له. وفي لفظ: يقتل المحرم: الحِدَأ، والغراب الأبقع والزنبور، والحية والعقرب، والفأرة، والذئب، والسبع، والكلب العقور، ويقتل القرد، وكل ما عدا عليه من السباع، ولا كفارة عليه، ويقتل النسر والعُقاب، ولا كفارة عليه، شبيه بالحدأ؛ لأن النبي ﷺ أمر بقتلها مُحْرِماً وغير مُحْرِم، وهو يَخْطَف، ولا كفارة عليه، وإنما جُعلت الكفارة والجزاء في الصيد المحلل أكله، وهذا سبع، فلا أرى فيه كفارة، ولا بأس أن يقتل الذَّر. وقال في رواية أبي الحارث: يقتل السبع عدا عليه أو لم يعد. وقال في رواية مُهنَّا: يقتل المحرم: البرغوث، ولا يقتل القمل، ويقتل المحرم النملة إذا عضته، ولا يقتل النحلة، فإن آذته قتلها، وقد نهى رسول الله ﷺ عن قتل الذَّر، والصُّرَد، والصُّرَد طير. وقال في رواية ابن منصور: يَقرُد المحرم بعيره. وقال في رواية عبد الله والمروذي: يقتل المحرم الغراب والحِدَأة والعقرب والكلب العقور، وكل سبع عدا عليك أو عقرك، ولا كفارة عليك.