للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الخمس مأموراً بقتله أيضاً: كالوَزَغ، والأفاعي، والحَيَّات، والرُّتَيْلا، والثعابين. وقد يكون تقدم بيانه في هذه فاكتفى عن إعادتها عند ذكره الخمس الفواسق، ولم يكن تقدم ذكره لهنَّ، فلولا هذا الخبر ما علمنا الحضَّ على قتل الغراب، ولا تحريم أكله، وأكل الفأرة والعقرب، فله أعظم الفائدة، والله تعالى الحمد».

ثم قال (٨/ ٤٤٧): «وقد قلنا: إن هذا الحجاج كله لا مدخل في شيء منه لأبي حنيفة، ولا لمالك؛ لأنهم زادوا على الخمس دواب كثيرة، ومنعوا من قتل دواب كثيرة بالرأي الفاسد المجرد، فلا بالآية تعلقوا ولا بالحديث.

وأما الشافعي: فإنه تناقض في الثعلب، لأنه ذو ناب من السباع، فهو حرام، ولم يأت تحليله في نص قط، وليس صيداً»، ثم أورد الآثار الواردة عن الصحابة والتابعين في إلحاق ما لم يرد ذكره في الخمس المذكورات وتقدم بيانه مفصلاً، ولكنه كان منهم على وجه القياس، وليس كما ذكر ابن حزم.

ثم ذكر ابن حزم النهي عن قتل النملة والنحلة والهدهد والصرد والضفدع، وقال: «فلا يحل قتل شيء من هذه لا لمحل ولا لمُحرم، فإن قتل شيئاً منها عامداً وهو محرم، عالماً بالنهي: فهو فاسق عاص الله ﷿، ولا جزاء عليه لأنها ليست صيداً»، ثم أورد الآثار الواردة في إباحة قتل البعوض والذباب والرخم والعقاب والصقر والقمل، ثم ختم بحثه بقوله في القمل: «فإن احتجوا بما أمر به رسول الله كعب بن عجرة إذ رآه يتناثر القمل على وجهه فأمره بحلق رأسه وأن يفتدي؟ قلنا: نعم هذا حق، ولسنا معكم في حلق الرأس إنما نحن في قتل القمل، ولم يقل : إن هذه الفدية إنما هي لقتل القمل؛ ومن قوله هذا فقد كذب عليه، ولئن كانت القملة ليست من الصيد فما لها جزاء، ولئن كانت من الصيد فما مثلها لقمة، ولا قبضة طعام؛ وإنما مثلها حبة سمسمة، فما ندري بماذا تعلقوا؟ وبالله تعالى التوفيق».

وقال في موضع آخر من المحلى (٦/ ٧٣): «مسألة: ولا يحل أكل شيء من الحيات، ولا أكل شيء من ذوات المخالب من الطير، وهي التي تصيد الصيد بمخالبها، ولا العقارب، ولا الفئران، ولا الحِداء، ولا الغراب»، وقال: «فكل ما أمر رسول الله بقتله فلا ذكاة له، لأنه نهى عن إضاعة المال، ولا يحل قتل شيء يؤكل، وقد ذكرنا في كتاب الحج قوله : «خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم»، فذكر العقرب، والفأرة، والحِدَأة، والغراب والكلب العَقور. فصح أن فيها فسقاً، والفسق محرم، قال تعالى: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ [الأنعام: ١٤٥]، فلو ذبح ما فيه فسق لكان مما أهل لغير الله به؛ لأن ذبح ما لا يحل أكله معصية، والمعصية قصد إلى غير الله تعالى به».

وقال في الفئران: «ما زال جميع أهل الإسلام يتخذون لها القطاط، والمصائد

<<  <  ج: ص:  >  >>