عندكم؟ وقد صح عن أبي هريرة أن الأسد: هو الكلب العقور، وأبو هريرة حجة في اللغة، ولا مخالف له من الصحابة يعرف في ذلك».
ثم ذهب يبني على أصله في ترك القول بالقياس للرد على مخالفيه، فقال (٨/ ٤٤٤): «أما هذه الأقوال فظاهرة الفساد، ولم يبق الكلام إلا في تخصيص الخبر المذكور من الآية، وإلحاق ما عدا ما ذكر في هذا الخبر بالتحريم، أو تخصيص الآية وإلحاق ما عدا ما ذكر فيها بالخبر المذكور، أو أن نحكم بما في الآية وبما في الخبر ونطلب حكم ما لم يذكر فيهما من غير هذين النصين.
قال علي: فكان الوجهان الأولان متعارضين ليس أحدهما أولى من الآخر؛ وأيضا: فإن إلحاق ما لم يذكر في الآية بما ذكر فيها، أو إلحاق ما لم يذكر في الخبر بما ذكر فيه: قياس، والقياس كله باطل، وتعد لحدود الله، ﴿وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُوْدَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ [الطلاق: ١]، وشرع في الدين بما لم يأذن به الله تعالى، وهذا لا يحل، فلم يبق إلا الوجه الثالث، فكان هو الحق لأنه هو الائتمار الله تعالى ولرسوله ﵇ وترك تعدي حدودهما.
فنظرنا في ذلك: فوجدنا الله تعالى إنما حرم في الإحرام والحرم قتل الصيد، وجعل على من قتله وهو حرم بالعمد الجزاء، فوجب القول بذلك. ووجدنا رسول الله ﷺ قد أخبر بأن المحرم يقتل الخمس المذكورات، وأنه لا جناح في قتلهن في حرم أو إحرام، فوجب القول بذلك.
ثم نظرنا فيما عدا الخمس المذكورات مما ليس صيدا: فوجدنا الكلام فيها في موضعين: أحدهما: قتلها، والثاني: هل في قتلها جزاء أم لا؟ فنظرنا في إيجاب الجزاء في ذلك: فوجدناه باطلا لا إشكال فيه، لأنه ليس في هذا الخبر دليل على إيجاب جزاء في ذلك أصلا، ولا في شيء من النصوص كلها؛ فكان القول بذلك شرعا في الدين لم يأذن الله تعالى به؛ فبطل جملة، والحمد لله رب العالمين».
ثم قال:«ثم نظرنا في قتلها»، فذكر حجة المانعين وهم الأحناف، وحجة المبيحين للقتل، ثم مهد لقوله، ثم قال: «فوجدنا الحيوان قسمين سوى ما ذكر في الآية والخبر: فقسم مباح قتله: كجميع سباع الطير، وذوات الأربع، والخنازير، والهوام، والقمل، والقردان، والحيات، والوزغ، وغير ذلك مما لا يختلف أنه لا حرج في قتله.
وقسم محرم قتله بنصوص واردة فيه: كالهدهد، والصرد، والضفدع، والنحل، والنمل؛ فوجب أن يحمل كل ذلك على حكمه كما كان، وأن لا ينقل بظن قد عارضه ظن آخر، وبغير نص جلي؛ فهذا هو الحق الذي لا يجوز تعديه، ثم رد فرية إطلاق اسم الصيد على غير مأكول اللحم، وبين أن الصيد الذي حرم على المحرم ثم أحل له بعد الإحرام إنما هو ما صيد للأكل، ثم قال: فإن قيل: فما وجه اقتصار رسول الله ﷺ على هذه الخمس؟ قلنا وبالله تعالى التوفيق: ظاهر الخبر يدل على أنها محضوض على قتلهن مندوب إليه، ويكون غيرهن مباحا قتله أيضا، وليس هذا الخبر مما يمنع أن يكون غير تلك