للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ولم يجعلوا على قاتله فدية، وقالوا في السبع، والنمر، والفهد، والخنزير: عليه الجزاء إن قتلها، إلا أن يكون قد ابتدأه شيء منها فدفعه عن نفسه فقتله، فلا شيء عليه. وقالوا في السبع إذا ابتدأه المحرم: فعليه قيمته، إلا أن تكون قيمته أكثر من دم؛ فيكون عليه دم ولا يجاوزه، … ».

إلى أن قال: «فأما الفويسقة: فهي الفأرة، وقيل: سميت فويسقة لخروجها من جحرها على الناس، واغتيالها إياهم في أموالهم بالفساد، وأصل الفسق الخروج، ومن هذا سمي الخارج عن الطاعة فاسقا، ويقال: فسقت الرطبة عن قشرها إذا خرجت عنه».

وقال في أعلام الحديث: (٢/ ٩٣٤): قوله: «كلهن فاسق»، يريد: كل واحدة وواحد منها فاسق، ومعنى الفسق: خبثهن، وكثرة الضرر فيهن. وفيه دليل على أن المحرم إذا قتلهن لم يلزمه الفداء في شيء منهن، وكل دابة لم تحرم بالحرم لم تحرم على المحرم بحال، ويدخل في معناهن: الحيات والهوام ذوات السموم والضرر، ويدخل في معنى الكلب العقور: الذئاب، والنمار والأسد الضارية. وقد روي عن النبي أنه دعا على عتبة بن أبي لهب، فقال: «اللهم سلط عليه كلبا من كلابك فافترسه الأسد». [وانظر أيضا: غريب الحديث (١/ ٦٠٣)، ومما قال فيه: «وإنما أراد - والله أعلم - بالفسق: الخروج من الحرمة، … ، لأنهن كلهن من بين عاد قتال، أو مؤذ ضرار»، وقال أيضا: «أراد بتفسيقها تحريم أكلها، وقال: وفيه من الفقه: أن ما لا يؤكل لحمه؛ فلا جزاء على المحرم في قتله»].

• وقال ابن حزم في المحلى (٥/ ٢٦٧) (٨/ ٤٣٥ - ط بشار): «مسألة: وجائز للمحرم في الحل والحرم وللمحل في الحرم والحل: قتل كل ما ليس بصيد من الخنازير، والأسد، والسباع، والقمل، والبراغيث، وقردان بعيره وغير بعيره، والحلم كذلك.

ونستحب لهم قتل الحيات، والفئران، والحدأ، والغربان، والعقارب، والكلاب العقورة، صغار كل ذلك وكباره سواء، وكذلك الوزغ وسائر الهوام، ولا جزاء في شيء من كل ما ذكرنا، ولا في القمل.

فإن قتل ما نهي عن قتله من: هدهد، أو صرد، أو ضفدع، أو نمل: فقد عصى، ولا جزاء في ذلك.

برهان ما ذكرنا: أن الله تعالى أباح قتل ما ذكرنا، ثم لم ينه المحرم إلا عن قتل الصيد فقط، ولا نهى إلا عن صيد الحرم فقط، ولا جعل الجزاء إلا في الصيد فقط.

فمن حرم ما لم يأت النص بتحريمه، أو جعل جزاء فيما لم يأت النص بالجزاء فيه: فقد شرع في الدين ما لم يأذن به الله».

ثم ساق أقوال الفقهاء أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وغيرهم، ثم قال: «كل ما ذكرنا آراء فاسدة متناقضة، … ».

وكان فيما قال في الرد على مالك (٨/ ٤٣٩ - ط بشار): «فإن قالوا: قسنا سباع

<<  <  ج: ص:  >  >>