للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قلت: وهو حديث شاذ، من حديث ابن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة؛ تفرد به عنه: يحيى بن أيوب الغافقي المصري، وهو: صدوق سيئ الحفظ، يخطئ كثيراً، له غرائب ومناكير يتجنبها أرباب الصحاح، وينتقون من حديثه ما أصاب فيه، وهذا الحديث من مناكيره، وتقدم بيان ذلك في حديث أبي هريرة برقم (١٨٤٧)، وقد خالفه في لفظه: حاتم بن إسماعيل، فرواه عن محمد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة أن رسول الله قال: «خمسُ قَتْلُهُنَّ حلال في الحرم: الحيَّةُ، والعقرب، والحِدَأَةُ، والفأرة، والكلب العقور»، بمثل حديث ابن عمر، وحديث عائشة، لكنه جعل الحية مكان الغراب، ومثل هذا يحتمل لاختلاف المخرج، لاسيما وقد صححه ابن خزيمة، واحتج به: أبو داود، وتقدم بيان ذلك مفصلاً في موضعه، وأن يحيى بن أيوب الغافقي قد انفرد بذكر الذئب والنمر، ولم يتابع على ذلك، وقد أعل محمد بن يحيى الذهلي وابن خزيمة هذه الزيادة التي انفرد بها، فجعلها الذهلي مدرجة، تفسيراً من الراوي لمعنى الكلب العقور، والله أعلم.

كما ذهب الطحاوي تبعاً لأبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن إلى أن المباح قتله من الغربان هو الأبقع منها خاصة، لا ما سواه، وقد بينت أن ذكر وصف الأبقع محفوظ من حديث سعيد بن المسيب عن عائشة، لكن لا مفهوم له، ولعله خرج على سبيل أن الأبقع يتأكد قتله أكثر من غيره لمزيد ضرره على بقية الغربان، فلا يحمل المطلق هنا على المقيد، وإنما العلة في الأمر بقتل الغراب أكله للجيف، ولذا وصف بالفسق، ويبقى الأمر بقتل الغراب على عمومه في بقية الأحاديث، مثل حديث: ابن عمر، وحفصة، وعروة عن عائشة، والقاسم عن عائشة، والله أعلم، قال ابن حزم في المحلى (٦/ ٧٥): الأخبار التي فيها عموم ذكر الغراب هو الزائد حكماً، ليس في الذي فيه تخصيص الأبقع، ومن قال: إنما عنى رسول الله بقوله: «الغراب الغراب الأبقع خاصة؛ لأنه قد ذكر الغراب الأبقع في خبر آخر: فقد كذب، إذ قفا ما لا علم له به، ونحن على يقين من أنه قد أمر بقتل الأبقع في خبر، وبقتل الغراب جملة في خبر آخر، وكلاهما حق لا يحل خلافه».

• وقال الخطابي في المعالم (٢/ ١٨٤): «اختلف أهل العلم فيما يقتله المحرم من الدواب؛ فقال الشافعي: إذا قتل المحرم شيئاً من هذه الأعيان المذكورة في هذه الأخبار فلا شيء عليه، وقاس عليها كل سبع ضار، وكل شيء من الحيوان لا يؤكل لحمه؛ لأن بعض هذه الأعيان سباع ضارية، وبعضها هوام قاتلة، وبعضها طير لا يدخل في معنى السباع، ولا هي من جملة الهوام، وإنما هو حيوان مستخبث اللحم غير مستطاب الأكل، وتحريم الأكل يجمعهن كلهن، فاعتبره وجعله دليل الحكم.

وقال مالك نحواً من قول الشافعي، إلا أنه قال: لا يقتل المحرم الغراب الصغير.

وقال أصحاب الرأي: يقتل الكلب وسائر ما جاء في الخبر، وقاسوا عليها الذئب،

<<  <  ج: ص:  >  >>