للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والذَّر، والنَّمل إذا وَطِئ عليهن فقتلهن أرى أن يتصدق بشيء من الطعام. وكان الشافعي يكره قتل النملة، ولا يرى على قاتلها شيئاً. وأما الزنبور: فقد ثبت عن عمر بن الخطاب أنه كان يأمر بقتله. وقال عطاء، وأحمد: لا جزاء فيه. وقال مالك: يطعم شيئاً».

قلت: لا دليل لمن قال بالفداء في شيء من ذلك، فإن هذا كله ليس بصيد.

وقال الجصاص في شرح مختصر الطحاوي (٢/ ٥٦٦): «قال: ولا بأس للمحرم بقتل البرغوث والنملة والبقة. لأنها ليست بصيد؛ لأن الصيد ما كان جنسه ممتنعاً مستوحشاً، وهذه الأشياء ليس بمتوحشة ولا ممتنعة»، قلت: ولا مباحاً أكلها.

وقال ابن حزم في المحلى (٥/ ٢٦٧) (٨ - ٤٣٥ ط بشار): «فإن قتل ما نهي عن قتله من: هدهد، أو صُرَد، أو ضفدع، أو نمل: فقد عصى، ولا جزاء في ذلك».

ثم قال (٥/ ٢٧٢) (٨ - ٤٤٥ ط بشار): وجدنا الحيوان قسمين سوى ما ذكر في الآية والخبر: فقسم مباح قتله كجميع سباع الطير، وذوات الأربع، والخنازير، والهوام، والقمل، والقردان والحيات والوزغ، وغير ذلك مما لا يختلف أنه لا حرج في قتله.

وقسم محرم قتله بنصوص واردة فيه كالهدهد، والصرد، والضفادع، والنحل، والنمل؛ فوجب أن يحمل كل ذلك على حكمه كما كان، وأن لا ينقل بظن قد عارضه ظن آخر، وبغير نص جلي؛ فهذا هو الحق الذي لا يجوز تعديه.

ثم قال (٥/ ٢٧٥): «وأما النمل: فلا يحل قتله، ولا قتل الهدهد، ولا الصرد، ولا النحلة، ولا الضفدع؛ لما روينا من طريق: عبد الرزاق نا معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس قال: نهى رسول الله عن قتل أربع من الدواب النملة، والنحلة، والهدهد والصرد … .، فلا يحل قتل شيء من هذه لا لمحل ولا لمحرم، فإن قتل شيئاً منها عامداً وهو محرم عالماً بالنهي: فهو فاسق عاص الله ﷿، ولا جزاء عليه؛ لأنها ليست صيداً روينا من طريق حماد بن سلمة، عن أبي المهزم: سمع ابن الزبير، وسأله محرم عن قتله نملاً؟ فقال له ابن الزبير: ليس عليك شيء».

وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٥/ ١٦٤): وقال ابن أبي أويس: قال مالك: إنما يطرح المحرم عن نفسه: القُراد والنملة، والذرة، وما ليس من دواب جسده، إذا كان ذلك يؤذيه. قال: وأما دواب جسده فلا يلقي منها شيئا عن نفسه، إلا أن يؤذيه شيء من ذلك، فيطرحه من موضع من جسده إلى موضع غيره.

ثم قال: «وقال ابن وهب: سئل مالك عن البعوض والبراغيث يقتلها المحرم أعليه كفارة؟ فقال إني أحب ذلك … ، قال: وقال لي في محرم لدغته دبرة فقتلها وهو لا يشعر، قال: أرى أن يطعم شيئاً. فقلت لمالك: أفرأيت النملة؟ قال: كذلك أيضاً».

وسبق نقل كلام ابن قدامة في المغني (٥/ ١٧٧)، وموضع الشاهد منه: «وقال مالك: … وإذا وطئ الذباب والنمل أو الذر، أو قتل الزنبور تصدق بشيء من الطعام.

ولنا: أن الله تعالى إنما أوجب الجزاء في الصيد، وليس هذا بصيد».

<<  <  ج: ص:  >  >>