للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فلما كان قتل السبع غير موجب للمثل ولا للقيمة الكاملة علم أنه غير مضمون.

فإن شئت حررت ذلك قياساً فقلت: لأن كل ما لم يضمن بالمثل ولا بكمال القيمة لم يكن مضموناً بالجزاء كالذئب».

قلت: ثم إنه ليس بصيد، ولا جزاء إلا فيما كان صيداً، وكل صائل قد أبيح كفه، فإن لم يكن إلا بالقتل قتله، وتقدم فيما عقدته من باب: حك المحرم رأسه وجسده، بيان إباحة قتل القمل للمحرم، وأن لا فدية عليه في ذلك [راجع: المجلد الثامن والعشرين، باب المحرم يغتسل، الحديث رقم (١٨٤٠)].

وقال ابن حزم في المحلى (٥/ ٢٧٠): «وأما نحن فلم نأخذ بما في هذا الخبر من النهي عن قتل الغراب؛ لأن راويه يزيد بن أبي زياد، وقد قال فيه ابن المبارك: ارم به - على جمود لسان ابن المبارك وشدة توقيه، وتكلم فيه شعبة، وأحمد، وقال فيه يحيى: لا يحتج بحديثه، وكذبه أبو أسامة، وقال: لو حلف خمسين يميناً ما صدقته».

وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٥/ ١٧٤): «وأما حديث عبد الرحمن بن أبي نعم، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي أنه قال في الغراب: يرميه المحرم ولا يقتله؛ فليس مما يحتج به على مثل حدث نافع، عن ابن عمر، وسالم، عن ابن عمر».

• قلت: آفته وهم يزيد بن أبي زياد فيه، ولا يحتمل من مثله مخالفة ما اشتهر بأسانيد صحاح، من حديث سالم، ونافع، وعبد الله بن دينار، وعبيد الله بن عبد الله بن عمر، عن ابن عمر فاتفقوا جميعاً على قتل: العقرب والغراب، والفأرة، و الْحُدَيَّا، والكلب العقور.

كما ثبت ذلك أيضاً: من حديث حفصة، وحديث عائشة، في قتل الغراب، ولم يذكر أحد منهم: السبع العادي، ولا الذئب، ولم يُذكرا أيضاً في حديث أبي هريرة، والله أعلم. وقال في الاستذكار (٤/ ١٥٧): «وقد أباح رسول الله قتل تلك الفواسق وشبهها في الحل والحرم على ما في حديث عائشة وغيره، وقال المحرم يقتله.

وأما مالك ومن تابعه على جواز أكل الطير كله ذي المخلب منه وغير ذي المخلب؛ فمن حجتهم أن الحدأة والغراب استثناهم رسول الله من الصيد الذي نهى المحرم عنه.

وقد قالت فرقة - منهم مجاهد بن جبر -: ولا يقتل الغراب ولكن يرمى. وروي ذلك عن علي ، ولا يصح عنه. واحتج من قال بذلك بحديث أبي سعيد الخدري، عن النبي أنه سئل عما يقتل المحرم؟ فقال: «الحية، والعقرب، والفويسقة، ويرمي الغراب ولا يقتله، والكلب العقور والحدأة، والسبع العادي». رواه هشيم، قال: حدثني يزيد بن أبي زياد، قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي نعم، عن أبي سعيد الخدري. وقد ذكرناه بإسناده، ويزيد بن أبي زياد ليس بحجة فيما انفرد به».

وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (٢/ ٣٣٢): «وفي إسناده: يزيد بن

<<  <  ج: ص:  >  >>