يقتضي العقد تعلق القلب بالمنكوحة، ولهذا منعت المعتدة أن تخطب كما منعت أن تنكح، ونهي الرجل أن يخطب على خطبة أخيه كما نهيت المرأة أن تسأل طلاق أختها.
فأما الشهادة فقد سوى كثير من أصحابنا بينها وبين الخطبة كراهة وحظراً».
• وقال ابن القيم في زاد المعاد (٣/ ٤٤٨ - ط عطاءات العلم): «وأما قول ابن عباس: إن رسول الله ﷺ تزوج ميمونة وهو محرم، وبنى بها وهو حلال؛ فمما استدرك عليه وعُدَّ من وهمه؛ قال سعيد بن المسيب: وهل ابن عباس وإن كانت خالته، ما تزوجها رسول الله ﷺ إلا بعد ما حلَّ. ذكره البخاري. [قلت: خرج البخاري أصله، دون قول سعيد بن المسيب].
وقال يزيد بن الأصم عن ميمونة: تزوجني رسول الله ﷺ ونحن حلالان بسرف. رواه مسلم. [قلت: لم يخرجه مسلم بهذا اللفظ، بل أخرجه من طريق: أبي فزارة، عن يزيد بن الأصم: حدثتني ميمونة بنت الحارث؛ أن رسول الله ﷺ تزوجها وهو حلال. قال: وكانت خالتي، وخالة ابن عباس. صحيح مسلم (١٤١١)].
وقال أبو رافع: تزوج رسول الله ﷺ ميمونة وهو حلال، وبنى بها وهو حلال، وكنت الرسول بينهما، صح ذلك عنه. [قلت: بل الصواب فيه ما رواه مالك، وأنس بن عياض، وسليمان بن بلال، والدراوردي: عن ربيعة، عن سليمان بن يسار مرسلاً، وهو في معنى المتصل].
وقال سعيد بن المسيب: هذا عبد الله بن عباس يزعم أن رسول الله ﷺ نكح ميمونة وهو محرم، وإنما قدم رسول الله ﷺ مكة وكان الحل والنكاح جميعاً، فشبه ذلك على الناس.
وقد قيل: إنه تزوجها قبل أن يحرم، وفي هذا نظر؛ إلا أن يكون وكل في العقد عليها قبل إحرامه، وأظن الشافعي ذكر ذلك، فالأقوال ثلاثة:
أحدها: أنه تزوجها بعد حله من العمرة، وهو قول ميمونة نفسها، وقول السفير بينها وبين رسول الله ﷺ وهو أبو رافع، وقول سعيد بن المسيب وجمهور أهل النقل.
والثاني: أنه تزوجها وهو محرم، وهو قول ابن عباس وأهل الكوفة وجماعة.
والثالث: أنه تزوجها قبل أن يحرم». [قلت: وهو الصواب؛ لحديث سليمان بن يسار].
وقال في موضع آخر (٥/ ١٥٨): «وأما نكاح المحرم فثبت عنه في صحيح مسلم، من رواية عثمان بن عفان، قال: قال رسول الله ﷺ: «لا ينكح المحرم ولا ينكح».
واختلف عنه ﷺ، هل تزوج ميمونة حلالاً أو حراماً؟ فقال ابن عباس: تزوجها محرماً، وقال أبو رافع: تزوجها حلالاً، وكنت الرسول بينهما. وقول أبي رافع أرجح لعدة أوجه: