عبد العزى، فهل لك في أن تزوجها؟ فتزوجها رسول الله ﷺ وهو محرم، فلما أن قدم مكة أقام ثلاثاً، فجاءه سهيل بن عمرو في نفر من أصحابه من أهل مكة، فقال: يا محمد اخرج عنا، اليوم آخر شرطك، فقال:«دعوني أبتني بامرأتي وأصنع لكم طعاماً»، فقال: لا حاجة لنا بك ولا بطعامك، اخرج عنا، فقال له سعد: يا عاض بظر أمه! أرضك وأرض أمك دونه، لا يخرج رسول الله ﷺ إلا أن يشاء! فقال رسول الله ﷺ:«دعهم فإنهم زارونا لا نؤذيهم»، فخرج فبنى بها بسرف. [قلت: وهذا منكر؛ لا يصلح الاستشهاد به، تقدم تخريجه في المراسيل].
وروى ابن إسحاق، قال: حدثني أبان بن صالح وعبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد وعطاء، عن ابن عباس: أن رسول الله ﷺ تزوج ميمونة بنت الحارث في سفرته في هذه العمرة، وكان الذي زوجه العباس بن عبد المطلب، فأقام رسول الله ﷺ ثلاثاً، فأتاه حويطب بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود في نفر من قريش، وكانت قريش قد وكلته بإخراج رسول الله ﷺ من مكة، فقالوا: قد انقضى أجلك فاخرج عنا، فقال لهم:«لو تركتموني فعرست بين أظهركم، وصنعنا طعاماً فحضرتموه»، فقالوا: لا حاجة لنا بطعامك فاخرج عنا، فخرج وخلف أبا رافع مولاه على ميمونة حتى أتاه بها بسرف، فبنى عليها رسول الله ﷺ هنالك. [قلت: وهو حديث صحيح، لكن وقعت فيه زيادتان لا تثبتان، أما الزيادة الأولى: كان الذي زوجه إياها العباس بن عبد المطلب؛ فهي زيادة شاذة، وأما الزيادة المطولة الثانية، فهي زيادة مدرجة، من أول قوله: فأقام رسول الله ﷺ بمكة ثلاثاً، تقدم تخريجه في طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس، وقد أنكر النسائي زيادة:«جعَلَتْ أمرها إلى العباس، فأنكحها إياه»، من حديث ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، ورآها مدرجة في الحديث].
وقد ذكر البخاري بعض هذا الحديث تعليقاً، فقال: وزاد ابن إسحاق: حدثني ابن نجيح وأبان بن صالح، عن عطاء ومجاهد، عن ابن عباس: تزوج النبي ﷺ ميمونة في عمرة القضاء. [قلت: وهو حديث صحيح، وهو يؤيد صحة ما ذكرت قبل قليل من عدم ثبوت الزيادة].
فقد اضطربت هذه الروايات في وقت تزوجه، فمن قائل: إنه تزوجها قبل الإحرام، ومن قائل: عقب الحل بمكة، ومن قائل: بسرف وهما حلالان إما قبل الإحرام أو بعد رجوعه إلى المدينة، ثم أجود ما فيها حديث يزيد بن الأصم عن ميمونة، وحديث سليمان بن يسار عن أبي رافع، وقد رويا مرسلين من وجوه هي أقوى من رواية من أسند، وهذه علة فيهما إن لم توجب الرد فإنها توجب ترجيح حديث ابن عباس الذي هو أصح إسناداً.
قال عمرو بن دينار: حدثت ابن شهاب، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس؛ أن رسول الله ﷺ نكح ميمونة وهو محرم، فقال ابن شهاب: حدثني يزيد بن الأصم؛ أن