للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

تزوجها حلالاً فقد اطلع على حقيقة الأمر وأخبر به، فإما أن يكون تزوجها قبل الإحرام أو بعد قضاء عمرته، لا سيما ومن روى أنه تزوجها قبل الإحرام معه مزيد علم.

وقد روى مالك، عن ربيعة، عن سليمان بن يسار؛ أن رسول الله بعث مولاه أبا رافع ورجلاً من الأنصار، فزوجاه ميمونة بنت الحارث، ورسول الله بالمدينة قبل أن يخرج.

ورواه الحميدي، عن عبد العزيز بن محمد، عن ربيعة، عن سليمان بن يسار؛ أن رسول الله بعث العباس بن عبد المطلب وأبا رافع، فزوجاه بسرف وهو حلال بالمدينة. وهذا فيه نظر، وهذا الحديث وإن كان مرسلاً فهو يقوى من وجهين:

أحدهما: أن سليمان بن يسار هو مولاها، فمثله قد يطلع على باطن حالها، ومعه مزد علم خفي على غيره.

الثاني: أنه هو الذي روى حديث أبي رافع عنه كما تقدم، وأهل الحديث يعدونه حديثاً واحداً، أسنده سليمان تارة، وأرسله أخرى، فيعلم أنه تلقى هذا الحديث عن أبي رافع، وهو كان الرسول في النكاح.

وقد روى يونس بن بكير، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، عن يزيد بن الأصم، قال: تزوج رسول الله ميمونة وهو حلال، بعث إليها الفضل بن العباس ورجل معه، فزوجوه إياها. وهذا يوافق الذي قبله في تقدم النكاح، ويخالفه في تسمية أحد الرجلين.

فإن قيل: فقد تقدم في رواية أبي داود، من حديث: حماد بن سلمة، عن حبيب بن الشهيد، عن ميمون بن مهران، عن يزيد بن الأصم، عن ميمونة، قالت: تزوجني رسول الله ونحن حلالان بسرف. وفي رواية: بسرف ونحن حلال بعدما رجعنا من مكة. رواه أحمد. وهذا لا يكون إلا بعد العمرة وهو قافل من مكة إلى المدينة.

وقد روى الأوزاعي، قال: حدثنا عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، أن النبي تزوج ميمونة وهو محرم. قال سعيد بن المسيب: وهم ابن عباس وإن كانت خالته، وتزوج رسول الله بعدما حل. رواه ابن عبد البر.

وقال ابن إسحاق: حدثني ثقة، عن ابن المسيب؛ أنه قال: هذا عبد الله بن عباس يزعم أن رسول الله نكح ميمونة وهو محرم، وكذب، وإنما قدم رسول الله مكة، فكان الحل والنكاح جميعاً، فشبه ذلك على الناس.

وهذا يدل على أن من روى أنه تزوجها حلالاً اعتقد تأخر العقد عن الإحرام، وابن عباس أخبر بوقوعه قبل ذلك، فيكون هو الذي قد اطلع على ما خفي على غيره.

ويؤيد ذلك: ما روى سنيد، عن زيد بن الحباب، عن أبي معشر، عن شرحبيل بن سعد، قال: لقي العباس بن عبد المطلب رسول الله بالجحفة حين اعتمر عمرة القضية، فقال له العباس: يا رسول الله تأيمت ميمونة بنت الحارث بن حرب، من أبي رهم بن

<<  <  ج: ص:  >  >>