للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الرابع: أن السلف طعنوا في رواية ابن عباس هذه، فروى أبو داود عن سعيد بن المسيب قال: وهم ابن عباس في قوله: تزوج ميمونة وهو محرم.

وقال أحمد في رواية أبي الحارث، وقد سئل عن حديث ابن عباس: هذا الحديث خطأ.

وقال في رواية المروذي: أذهب إلى حديث نبيه بن وهب، فقال له المروذي: إن أبا ثور قال لي: بأي شيء تدفع حديث ابن عباس؟ فقال أبو عبد الله: الله المستعان، قال سعيد بن المسيب: وهم ابن عباس، وميمونة تقول: تزوج وهو حلال، وقال: إن كان ابن عباس ابن أخت ميمونة فيزيد بن الأصم ابن أخت ميمونة، وقال أبو رافع: كنت السفير بينهما، وعمر بن الخطاب يفرق بينهما، وقال: هذا بالمدينة لا ينكرونه.

وقال ميمون بن مهران: أرسل إلي عمر بن عبد العزيز أن: سل يزيد بن الأصم كيف تزوج رسول الله ميمونة، فسألته فقال: تزوجها وهو حلال. رواه سعيد. وقال عمرو بن دينار: أخبرت الزهري به يعني بحديثه عن جابر بن زيد عن ابن عباس، فقال: أخبرني يزيد بن الأصم - وهي خالته - أن رسول الله تزوجها وهو حلال. رواه مسلم.

فهذا سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز والزهري، وهو قول أبي بكر بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار وعامة علماء المدينة، وهم أعلم الناس بسنة ماضية، وأبحثهم عنها، قد استبان لهم أن الصواب رواية من روى أنه تزوجها حلالاً، وكذلك سلمان بن يسار يقول ذلك وهو مولاها.

الخامس: أن الرواة بأنه تزوجها حلالاً كثيرون، فهي منهم، وأبو رافع، … »، ثم ذكر حديث صفية بنت شيبة، ثم قال: ورواه من التابعين خلق كثير، وأما الرواية الأخرى فلم ترو إلا عن ابن عباس، وعن أصحابه الذين أخذوها عنه، قال ابن عبد البر: ما أعلم أحداً من الصحابة روي عنه أنه نكح ميمونة وهو محرم إلا ابن عباس.

وإذا كان أحد الخبرين أكثر نقلة ورواة قدم على مخالفه، فإن تطرق الوهم والخطأ إلى الواحد أولى من تطرقه إلى العدد، لا سيما إذا كان العدد أقرب إلى الضبط وأجدر بمعرفة باطن الحال.

السادس: أن في رواية عكرمة عن ابن عباس: أن النبي تزوجها وهما محرمان، وأن عقد النكاح كان بسرف، ولا ريب أن هذا غلط، فإن عامة أهل السير ذكروا أن ميمونة كانت قد بانت من زوجها بمكة، ولم تكن مع النبي في عمرته، فإنه لم يقدم بها من المدينة، وإذا كانت مقيمة بمكة فكيف تكون محرمة معه بسرف؟ أم كيف - وإنما بعث إليها جعفر بن أبي طالب - خطبها؟ وهو يوهن الحديث ويعلله.

السابع: أن النبي تزوجها في عمرة القضية في خروجه، ورجع بها معه من مكة، وإنما كان يحرم من ذي الحليفة، فيشبه أن تكون الشبهة دخلت على من اعتقد أنه تزوجها محرماً من هذه الجهة، فإن ظاهر الحال أنه تزوجها في حال إحرامه، أما من روى أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>