للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

محرم، ترجيح لما ذهبنا إليه وقلنا به؛ من أن المحرم لا يَنْكِح؛ لأن عمل الأئمة وحكمهم لا يكون إلا بعد مشاورة ونظر واستدلال واجتهاد ومراجعة من المخالف إن كان في ذلك خلاف، فهو أولى من قول قائل: لم يعمل به، ولا روجع فيه قائله، ولا شاور فيه غيره، ورده لنكاحه يحتمل أن يكون بفسخ، ويحتمل أن يكون بطلاق، والفسخ باسم الرد أليق … .

مسألة: إذا ثبت ذلك فإن عقد النكاح ممنوع حتى يحل بالإفاضة، فإن تزوج بعد الرمي وقبل الإفاضة فسخ نكاحه، ورواه محمد عن ابن القاسم وأشهب، والدليل على ذلك: قوله : «لا ينكح المحرم»، وما لم يتحلل التحلل التام فاسم الإحرام يتناوله، وحقيقته باقية عليه، ووجه ذلك: أن حكم إحرامه باق في باب الاستمتاع، فوجب أن يكون باقياً أصله قبل الرمي».

ثم قال (٢/ ٢٣٩): «أكثر مالك من إدخال الآثار في هذه المسألة؛ لأن المخالف فيها عبد الله بن عباس وهو من فقهاء الصحابة فأظهر قوة الخلاف عليه، وكثرته من الصحابة والتابعين، والحكم من الأئمة بخلافه، وأن هذه المسألة مما تهمم بها الناس في زمن الصحابة والتابعين، وسألوا عنها وخاضوا كثيراً فيها، وأن الجمهور على ما ذهب إليه مالك ».

• وقال ابن قدامة في المغني (٥/ ١٦٢): «مسألة: قال: ولا يتزوج المحرم، ولا يزوج، فإن فعل، فالنكاح باطل.

قوله: لا يتزوج؛ أي: لا يقبل النكاح لنفسه. ولا يزوج؛ أي: لا يكون ولياً في النكاح، ولا وكيلاً فيه. ولا يجوز تزويج المحرمة أيضاً؛ روي ذلك عن عمر، وابنه، وزيد بن ثابت ، وبه قال: سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، والزهري، والأوزاعي، ومالك، والشافعي.

وأجاز ذلك كله ابن عباس، وهو قول أبي حنيفة؛ لما روى ابن عباس، أن النبي تزوج ميمونة وهو محرم متفق عليه. ولأنه عقد يملك به الاستمتاع، فلا يحرمه الإحرام، كشراء الإماء.

ولنا: ما روى أبان بن عثمان عن عثمان بن عفان ، قال: قال رسول الله : «لا ينكح المحرم، ولا ينكح، ولا يخطب». رواه مسلم. ولأن الإحرام يحرم الطيب، فيحرم النكاح، كالعدة. فأما حديث ابن عباس، فقد روى يزيد بن الأصم، عن ميمونة، أن النبي تزوجها حلالاً، وبنى بها حلالاً، وماتت بسرف في الظلة التي بنى بها فيها. رواه أبو داود، والأثرم.

وعن أبي رافع قال: تزوج رسول الله ميمونة وهو حلال، وبنى بها وهو حلال، وكنت أنا الرسول بينهما. قال الترمذي: هذا حديث حسن.

وميمونة أعلم بنفسها، وأبو رافع صاحب القصة، وهو السفير فيها، فهما أعلم بذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>