للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والأشباه، وإنما أفسدوه من جهة الخبر الوارد عن النبي بالنهي عن ذلك، فالذي ينبغي لمخالفيهم أن يناظروهم من جهة الخبر؛ فإن ثبت لزمهم التسليم له، وإن بطل صاروا حينئذ إلى استخراج الحكم فيه من المثال والأشباه، فأما والخبر ثابت بالنهي عن النكاح فلا وجه للمقايسة فيه».

ثم ذكر القاضي دليل المخالف، من حديث أبي هريرة، وعائشة، وابن عباس، ثم قال: «والجواب: أن أبا الحارث قال: سئل أبو عبد الله - يعني: أحمد - عن حديث ابن عباس: أن النبي تزوج ميمونة وهو محرم، فقال: هذا الحديث خطأ.

وقال في رواية المروذي: قال سعيد بن المسيب: وهم ابن عباس، وميمونة تقول: تزوج وهو حلال، وإن ابن عباس ابن أخت ميمونة، ويزيد بن الأصم ابن أخت ميمونة، يقول: نكحها وهي حلال. وقال أبو رافع: كنت السفير بينهما. وهذا من أحمد تضعيف له».

ثم ذكر بعض أدلة المسألة، ثم قال: «وإذا ثبت هذا الاختلاف فإما أن تتعارض الروايات في نكاح ميمونة، فتسقط، وتبقى رواية عثمان أنها لم تختلف، أو نرجح، فتكون رواية من روى الإحلال أرجح من وجوه:

أحدها: أن أحداً لا يطعن في روايتنا، وقد طعن سعيد بن المسيب في روايتهم، فروى أبو داود عن سعيد بن المسيب أنه قال: وهم ابن عباس في قوله: تزوج ميمونة، وهو محرم.

والثاني: أنها أكثر رواة؛ لأنه رواها أبو رافع وميمونة وصفية بنت شيبة، فكانت أولى من رواية ابن عباس.

الثالث: أن ميمونة صاحبة القصة، وهي أعرف، وأبو رافع كان السفير بينهما، فهو أعرف، ألا ترى أن الصحابة كانوا يرجعون إلى عائشة في الغسل من التقاء الختانين، وإلى علي في المسح؟ وابن عباس كان في وقت موت النبي ، وهو ابن عشر سنين، وكان تزوج ميمونة في سنة سبع التي أحرم فيها بعمرة القضية، فيجب أن يكون لعبد الله بن عباس في ذلك الوقت سبع سنين، وفي هذا السن لا يحصل هذا المعنى، ولا يضبطه، وإنما يجب أن يكون سمعه من غيره، فكانت رواية من حضر أولى.

الرابع: أن من روى: أنه كان حلالاً نقل الحكم والسبب؛ لأن العقد يتعلق بكونه محلاً، ومن روى: أنه كان محرماً لا يكون سبباً؛ لأن جواز العقد لا يتعلق بكونه محرماً».

كما ذهب القاضي أيضاً إلى أن خبر أبي رافع أولى من خبر ابن عباس، وأن ما رواه أبو رافع هو الزائد؛ لأنه أثبت عقداً في وقت نفاه ابن عباس، وأن العقد تم والنبي بالمدينة لم يخرج إلى ذي الحليفة، وخفي ذلك على من روى أنه كان محرماً حين العقد، وقدر أن النكاح عقد بعد خروجه وإحرامه، فكان ما نقله أبو رافع من عقد النكاح، وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>