مالك والليث: يفرق بينهما وهي تطليقة. وروى عن مالك: أنه فسخ ليس بطلاق».
• ومن الشافعية من تأول حديث ابن عباس، فقال ابن حبان (٤١٢٩) عقب حديث ابن عباس: «قول بن عباس: تزوج النبي ﷺ ميمونة وهو محرم؛ أراد به داخل الحرم، لا أنه كان محرماً في ذلك الوقت؛ كما تستعمل العرب ذلك في لغتها؛ فتقول لمن دخل النجد: أنجد، ولمن دخل الظلمة: أظلم، ولمن دخل تهامة: أتهم، أراد: أنه كان داخل الحرم، لا أنه كان محرماً بنفسه في ذلك الوقت، والدليل على صحة هذا التأويل الأخبار التي قدمنا، والخبر الفاصل بينهما الذي يردفه».
وقال في موضع آخر (٩/ ٤٤٥): «هذان خبران في نكاح المصطفى ﷺ ميمونة تضادا في الظاهر، وعول أئمتنا في الفصل فيهما بأن قالوا: إن خبر ابن عباس أن النبي ﷺ تزوج ميمونة وهو محرم، وهم، كذلك قاله سعيد بن المسيب، وخبر يزيد بن الأصم يوافق خبر عثمان بن عفان رضوان الله عليه في النهي عن نكاح المحرم وإنكاحه، وهو أولى بالقبول لتأييد خبر عثمان إياه.
والذي عندي أن الخبر إذا صح عن المصطفى ﷺ غير جائز ترك استعماله إلا أن تدل السنة على إباحة تركه، فإن جاز لقائل أن يقول: وهم ابن عباس وميمونة خالته في الخبر الذي ذكرناه؛ جائز لقائل آخر أن يقول: وهم يزيد بن الأصم في خبره؛ لأن ابن عباس أحفظ وأعلم وأفقه من مئتين مثل يزيد بن الأصم.
ومعنى خبر ابن عباس عندي حيث قال: تزوج رسول الله ﷺ ميمونة وهو محرم؛ يريد به: وهو داخل الحرم، لا أنه كان محرماً، كما يقال للرجل إذا دخل الظلمة: أظلم، وأنجد: إذا دخل نجد، وأتهم: إذا دخل تهامة، وإذا دخل الحرم: أحرم، وإن لم يكن بنفسه محرماً، وذلك أن المصطفى ﷺ عزم على الخروج إلى مكة في عمرة القضاء، فلما عزم على ذلك، بعث من المدينة أبا رافع ورجلاً من الأنصار إلى مكة؛ ليخطبا ميمونة له، ثم خرج وأحرم، فلما دخل مكة، طاف وسعى وحل من عمرته، وتزوج ميمونة وهو حلال بعدما فرغ من عمرته، وأقام بمكة ثلاثاً، ثم سأله أهل مكة الخروج منها، فخرج منها، فلما بلغ سرف، بنى بها بسرف وهما حلالان فحكى ابن عباس نفس العقد الذي كان بمكة وهو داخل الحرم بلفظ الحرام، وحكى يزيد بن الأصم القصة على وجهها، وأخبر أبو رافع ﷺ تزوجها وهما حلالان، وكان الرسول بينهما، وكذلك حكت ميمونة عن نفسها، فدلتك هذه الأشياء مع زجر المصطفى عن نكاح المحرم وإنكاحه على صحة ما أصلنا ضد قول من زعم أن أخبار المصطفى ﷺ تتضاد وتتهاتر؛ حيث عول على الرأي المنحوس والقياس المعكوس».
قلت: إنما كان أبو رافع وكيلاً في عقد النكاح، وذلك قبل أن يخرج الرسول ﷺ من المدينة، حيث قال سليمان بن يسار فزوجاه ميمونة، يعني: عقدا عليها، والله أعلم.
• وقال الخطابي في المعالم (٢/ ١٨٢) بعد حديث عثمان: «وقد ذهب إلى ظاهر