للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وكذلك نقل أحمد بن أبي عبدة، والفضل بن زياد، وأبو زرعة الدمشقي عن أحمد: «لا يراجع المحرم امرأته» [الروايتين والوجهين (١/ ٢٨١)، طبقات الحنابلة (٢/ ٧٥)].

وما نقله عبد الله عن أبيه في إباحة الرجعة للمحرم هو الأشبه بالصواب، لاسيما وعبد الله ألصق بأبيه من هؤلاء، وهو ما ذهب إليه مالك والشافعي وإسحاق: أن الرجعة ليست بنكاح، ولا تسمى تزويجاً، وأن لا بأس بالرجعة للمحرم، قال تعالى: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ [الطلاق: ٢]، فالرجعة إمساك، وليست تزويجاً؛ فتباح الرجعة للمحرم إذا كانت في العدة، والله أعلم.

• وقال الترمذي في السنن (٨٤٠) عقب حديث عثمان: «والعمل على هذا عند بعض أصحاب النبي ، منهم: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن عمر، وهو قول بعض فقهاء التابعين، وبه يقول: مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: لا يرون أن يتزوج المحرم، وقالوا: فإن نكح فنكاحه باطل» ونقله أبو علي الطوسي في مختصر الأحكام [(٤/ ٦٤)].

وقال أيضاً (٨٤٤) عقب حديث ابن عباس: «واختلفوا في تزويج النبي ميمونة، لأن النبي تزوجها في طريق مكة، فقال بعضهم: تزوجها حلالاً، وظهر أمر تزويجها وهو محرم، ثم بنى بها وهو حلال بسرف في طريق مكة، وماتت ميمونة بسرف حيث بنى بها رسول الله ، ودفنت بسرف».

وقال أيضاً (٨٤٢) عقب حديث ابن عباس: «والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وبه يقول: سفيان الثوري، وأهل الكوفة».

وقال ابن نصر المروزي في اختلاف الفقهاء (٤٢٠): «وقال سفيان والمحرم يتزوج ولا يدخل بامرأته. وهو قول أصحاب الرأي. وقال مالك، وأهل المدينة، والشافعي، وأحمد: ليس للمحرم أن يتزوج؛ فإن فعل فنكاحه فاسد. وذهبوا إلى حديث عثمان عن النبي : «المحرم لا ينكح ولا ينكح». ويُروى عن عمر من قوله، وعن علي وزيد بن ثابت، وابن عمر أنهم قالوا: لا يتزوج المحرم».

وقال الطحاوي في شرح المعاني (٢/ ٢٦٨ - ٢٧٢) بعد أن ساق طرق حديث نبيه: «فذهب قوم إلى هذا الحديث، فقالوا: لا يجوز للمحرم أن ينكح ولا ينكح ولا يخطب».

قلت: وهم الجمهور، وقولهم هو الصواب، وقد سبق أن رددت على ما احتج به الخصوم، ثم قال: «وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: لا نرى بذلك كله بأساً للمحرم، ولكنه إن تزوج، فلا ينبغي له أن يدخل بها حتى يحل»، ثم احتج بحديث ابن عباس، فساقه بمختلف طرقه، ثم بحديث عائشة، ولا يثبت، ثم بحديث أبي هريرة، ولا يثبت أيضاً، ثم ذكر اعتراض الجمهور بحديث أبي رافع وميمونة: أنه تزوجها وهو حلال، ثم أسند حديث أبي رافع من طريق مطر الوراق، وحديث ميمونة من طريق حماد بن سلمة عن حبيب بن الشهيد، ومن طريق أبي فزارة عن يزيد بن الأصم، ثم أعلهما بالإرسال، وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>