• وقال الشافعي في الأم (٦/ ٢٠١): «لا يلي محرّم عقدة نكاح لنفسه ولا لغيره، فإن تزوج المحرم في إحرامه وكان هو الخاطب لنفسه أو خطب عليه حلال بأمره فسواء؛ لأنه هو الناكح ونكاحه مفسوخ. وهكذا المحرمة لا يزوجها حرام ولا حلال لأنها هي المتزوجة، وكذلك لو زوج المحرم امرأة حلالاً أو وليها حلال فوكل وليها حراماً فزوجها كان النكاح مفسوخاً، لأن المحرم عقد النكاح. قال: ولا بأس أن يشهد المحرمون على عقد النكاح؛ لأن الشاهد ليس بناكح ولا مُنكِح ولو توقى رجل أن يخطب امرأة محرمة كان أحب إليَّ، ولا أعلمه يضيق عليه خطبتها في إحرامها، لأنها ليست بمعتدة ولا في معناها، ومتى خرجت من إحرامها جاز لها أن تنكح، وقد تكون معتمرة فيكون لها الخروج من إحرامها بأن تعجّل الطواف، وحاجةً فيكون لها ذلك بأن تعجل الزيارة يوم النحر فتطوف والمعتدة ليس لها أن تقدم الخروج من عدتها ساعة.
قال الشافعي: فأي نكاح عقده محرم لنفسه أو محرم لغيره فالنكاح مفسوخ، فإذا دخل بها فأصابها فلها مهر مثلها إلا ما سمى لها، ويفرق بينهما، وله أن يخطبها إذا حلت من إحرامها في عدتها منه، ولو توقى كان ذلك أحب إليَّ؛ لأنها وإن كانت تعتد من مائه، فإنها تعتد من ماء فاسد. قال: وليس لغيره أن يخطبها حتى تنقضي عدتها منه، فإن نكحها هو فهي عنده على ثلاث تطليقات، لأن الفسخ ليس بطلاق، وإن خطب المحرم على رجل وولي عقدة نكاحه حلال فالناكح جائز، إنما أجيز النكاح بالعقد، وأكره للمحرم أن يخطب على غيره، كما أكره له أن يخطب على نفسه، ولا تفسد معصيته بالخطبة إنكاح الحلال، وإنكاحه طاعة، فإن كانت معتمرة أو كان معتمراً لم ينكح واحد منهما حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة ويأخذ من شعره، فإن نكح قبل ذلك فنكاحه مفسوخ، فإن كانت أو كانا حاجين لم ينكح واحد منهما حتى يرمي ويحلق ويطوف يوم النحر أو بعده، فأيهما نكح قبل هذا فنكاحه مفسوخ، وذلك أن عقد النكاح كالجماع؛ فمتى لم يحل للمحرم الجماع من الإحرام لم يحل له عقد النكاح، وإذا كان الناكح في إحرام فاسد لم يجز له النكاح فيه، كما لا يجوز له في الإحرام الصحيح، وإن كان الناكح محصراً بعدو لم ينكح حتى يحل، وذلك أن يحلق وينحر، فإن كان محصراً بمرض لم ينكح حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة، وأصل هذا أن ينظر إلى عقد النكاح فإن كان قد حل للمحرم منهما الجماع فأجيزه، وإن كان الجماع لم يحل للمحرم منهما لحرمة الإحرام فأبطله».
ثم قال (٦/ ٢٠٣): «ويراجع المحرم امرأته، وتراجع المحرمة زوجها، لأن الرجعة ليست بابتداء نكاح، إنما هي إصلاح شيء أفسد من نكاح كان صحيحاً إلى الزوج إصلاحه دون المرأة والولاة، وليس فيه مهر ولا عوض، ولا يقال للمراجع: ناكح.
قال الشافعي: ويشتري المحرم الجارية للجماع والخدمة؛ لأن الشراء ليس كالنكاح المنهي عنه، كما يشتري المرأة وولدها وأمها وأخواتها، ولا ينكح هؤلاء معاً، لأن الشراء