للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ويُعارض هذا كله:

• ما ثبت عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: تزوج النبي ميمونة وهو محرم، وبنى بها وهو حلال [بسرف]، وماتت بسرف. [أخرجه البخاري (٤٢٥٨)].

وقد رواه عن عكرمة جمع كبير من الثقات.

• ومن ذلك: ما ثبت عن يزيد بن زريع، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله تزوج ميمونة بنت الحارث وهو محرم، وبنى بها بعد ما رجع، بماء يقال له: سرف.

ففرق ابن عباس بين العقد الذي وقع حال الإحرام، وبين الدخول بها والذي وقع وهو حلال، وكان الأخير بسرف بعدما رجع من مكة.

• وقد رواه أيضاً عن ابن عباس جمع من ثقات أصحابه المكثرين عنه، مثل: أبي الشعثاء جابر بن زيد، وعطاء بن أبي رباح، وطاووس بن كيسان، ومجاهد بن جبر، وسعيد بن جبير.

• ولما كانت عادة الناس إخفاء أمر النكاح حتى يتم، فكذلك كان إرسال أبي رافع ومن معه ليعقد لرسول الله على ميمونة وهو حلال قبل أن يخرج من المدينة؛ خافياً على الناس، فلما تم العقد، وخرج الناس مع رسول الله العمرة القضية؛ شاع الخبر في الطريق، أو بمكة بعد وصوله إليها وهو محرم، فظنوا أنه تزوجها وهو محرم، وإنما كان العقد عليها وهو حلال، ثم ظهر أمر نكاحها وهو محرم، لذا التبس الأمر على ابن عباس، وكان علم ذلك عند صاحبة الشأن، وهي ميمونة نفسها، وعند أبي رافع الرسول إليها، والله أعلم.

وأما أمر البناء بها بسرف مرجعه من مكة وهو حلال: فلم يكن خافياً على أحد، اتفق الجميع على روايته كذلك، والله أعلم.

ومن أقوال الفقهاء في هذه المسألة:

• قال مالك في الموطأ (١/ ٤٦٩/ ١٠٠١ - رواية يحيى الليثي) (١١٨١ - رواية أبي مصعب) (٧٦٨ - رواية القعنبي) (١١٦٧ - رواية ابن بكير): «قال مالك في الرجل المحرم: إنه يراجع امرأته إن شاء، إذا كانت في عدة منه». [وانظر تفصيل المسألة، هل يعد طلاقاً أم فسخاً: المدونة (٤/ ١٨١ و ١٨٤). النوادر والزيادات (٤/ ٥٤٥ و ٥٤٧ و ٥٥٦)].

• وقال محمد بن الحسن في موطئه (١٤٩): «قد جاء في هذا اختلاف، فأبطل أهل المدينة نكاح المحرم، وأجاز أهل مكة وأهل العراق نكاحه، وروى عبد الله بن عباس أن رسول الله تزوج ميمونة بنت الحارث وهو محرم، فلا نعلم أحداً ينبغي أن يكون أعلم بتزوج رسول الله ميمونة من ابن عباس، وهو ابن أختها، فلا نرى بتزوج المحرم بأساً، ولكن لا يُقبل، ولا يمس حتى يحل، وهو قول أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا رحمهم الله تعالى».

<<  <  ج: ص:  >  >>