• قال مالك بن أنس:«كان إمام الناس عندنا بعد عمر بن الخطاب: زيد بن ثابت، وكان إمام الناس بعد زيد ابن عمر» [المعرفة والتاريخ (١/ ٤٨٦). معجم الصحابة للبغوي (٢/ ٨٦٣/ ٤٧٥). المدخل إلى السنن (١/١٩٦/٤٠٩) و (٢/٥٦٨/١٢١٤)].
• وممن قال بهذا القول أيضاً من التابعين: أبان بن عثمان بن عفان، وسعيد بن المسيب، والزهري، وطائفة من أهل المدينة، وعامة الفقهاء بعدهم.
• وأما قصة زواج رسول الله ﷺ من ميمونة فهي واقعة حال، اختلف الناس فيها بحسب ما ظهر لهم من قرائن، فمن كان صاحب الشأن نفسه، ومن كان وكيلاً في العقد، مباشراً له بنفسه: أخبر أن النبي ﷺ كان حلالاً، وأما من نظر للوقائع والقرائن ظن أن العقد وقع حال الإحرام، وهو ابن عباس، وصاحب الشأن ومن باشر العقد وكان وكيلاً فيه أعلم به من غيره.
• فقد ثبت من حديث يزيد بن الأصم عن ميمونة: أن النبي ﷺ تزوجها حلالاً، وبنى بها حلالاً، وبنى بها بسرف.
• وثبت عن صفية بنت شيبة، قالت: تزوج رسول الله ﷺ ميمونة وهو حلال، وبنى بها بسرف، وكان قبر ميمونة بسرف.
• كما اتفقت صفية مع يزيد على كون الحالات الثلاث من الخطبة والعقد والبناء كانت وهو حلال: خطبها رسول الله ﷺ وهو حلال، وملكها وهو حلال، ودخل بها وهو حلال [راجع طريق ثور بن يزيد، عن ميمون بن مهران].
• وروى مالك بن أنس، وأبو ضمرة أنس بن عياض، وسليمان بن بلال، والدراوردي:
عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سليمان بن يسار [مولى ميمونة زوج النبي ﷺ]؛ أن رسول الله ﷺ بعث أبا رافع مولاه، ورجلاً من الأنصار، فزوجاه ميمونة بنت الحارث، ورسول الله ﷺ بالمدينة قبل أن يخرج.
وهذا مرسل بإسناد صحيح، وهو يحمل في طياته معنى الاتصال؛ فإن سليمان بن يسار كان مولى لميمونة، وهو من كبار التابعين، أحد الأئمة، وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة، قدمه بعضهم على سعيد بن المسيب، ومن كان في مثل رتبته ومنزلته، وقربه من ميمونة، وروايته عنها، وثبوت سماعه من أبي رافع؛ كان مطلعاً على حال ميمونة، وقصة زواجها من النبي ﷺ، وأنه تزوجها وهو حلال، حيث عقد عليها حلالاً قبل أن يخرج من المدينة، بعث إليها أبا رافع ورجلاً من الأنصار ليكونا وكيلين عنه في العقد، فزوجاه إياها قبل أن يخرج، ثم بنى بها حلالاً بسرف بعد رجوعه من مكة، فلا يبعد أن يكون سليمان أخذ هذا كله عن ميمونة نفسها، كما أنه لثبوت سماعه من أبي رافع، فلا يبعد أيضاً أن يكون أخذه عن أبي رافع، وأنه هو الذي أخبره بذلك، وقد قدم مالك هذا الحديث في موطئه على بقية أدلة الباب بما في ذلك حديث عثمان، والله أعلم.