وقد أمرنا بالاقتداء به، فقال:«اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر»، ثم إنه قد علق حصول الرشد بطاعته:«إن يطع الناس أبا بكر وعمر يرشدوا» [تقدم برقم (٤٤١)]، فكيف وقد جاء فعله موافقاً لما ثبت من الحديث القولي المرفوع في النهي عن نكاح المحرم، والله أعلم.
ثم كيف يحكم عمر بالتفريق بينهما، وفسخ النكاح اجتهاداً منه؟ وهو خلاف المعهود من إباحة عقد النكاح للصائم والمعتكف واللذان يحرم عليهما الوطء كالمحرم، ومثل هذا لا يصدر من عمر إلا وعنده علم من النبي ﷺ ببطلان هذا النكاح، ثم ألم يكن عمر حاضراً في عمرة القضية، وعلم بشأن زواج النبي ﷺ بميمونة؟ فلو كان عقد النكاح وقع منه مقترناً بإحرامه ﷺ لما خفي ذلك على عمر، ولما أبطل نكاح المحرم، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
قال ابن تيمية في شرح العمدة (٤/ ٦٤١ - ط عطاءات العلم): «أن أكابر الصحابة قد عملوا بموجب حديث عثمان، وإذا اختلفت الآثار عن رسول الله ﷺ نظرنا إلى ما عمل به الخلفاء الراشدون، ولم يخالفهم أحد من الصحابة فيما بلغنا إلا ابن عباس، وقد عُلم مستند فتواه، وعُلم أن من حرم نكاح المحرم من الصحابة يجب القطع بأنه إنما فعل ذلك عن علم عنده خفي على من لم يحرمه، فإن إثبات مثل هذه الشريعة لا مطمع في دركه بتأويل أو قياس، وأصحاب رسول الله ﷺ أعلم بالله وأخشى له من أن يقولوا على الله ما لا يعلمون، بخلاف من أباحه، فإنه قد يكون مستنده الاكتفاء بالبراءة الأصلية، وإن كان قد ظهر له في هذه المسألة مستند آخر مضطرب».
• وروى قدامة بن موسى، عن شوذب مولى زيد بن ثابت، أنه تزوج وهو محرم؛ ففرق زيد بن ثابت بينهما.
وهذا موقوف على زيد بن ثابت بإسناد جيد.
• وروى مالك بن أنس، وأيوب السختياني، وعبيد الله بن عمر العمري، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وابن أبي ذئب، وأيوب بن موسى، ويعلى بن حكيم أو مطر الوراق، وحرب بن سريج:
عن نافع؛ أن عبد الله بن عمر قال: لا يَنكِح المحرم، ولا يُنكح، ولا يخطب على نفسه، ولا على غيره. لفظ مالك.
• ورواه معمر بن راشد، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، قال: لا يتزوج المحرم، ولا يخطب على غيره.
• ورواه عبد الرحمن بن بشر النيسابوري: حدثنا يحيى بن سعيد القطان، عن عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن، قال: أردت أن أتزوج وأنا محرم، فسألت عكرمة بن خالد، فقال: أردت أن أتزوج وأنا محرم، فسألت ابن عمر، فنهاني.