للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قلت: الذي وقع في جامع الترمذي: «دخل مكة في عمرة القضاء»، وما ذكره ابن القيم وهم منه، فانتفى الإشكال، فإن غزوة مؤتة كانت سنة ثمان، وأما عمرة القضاء فكانت قبلها سنة سبع؛ فلا تعارض، لكن الأئمة النقاد أنكروا هذا الحديث على عبد الرزاق من حديث معمر، لأن المعروف فيه عن الزهري مرسلاً.

وقد اختلف في قائل هذا الشعر، ومتى قيل، واختلاف ألفاظه، وليس هذا موضع تحرير ذلك. [وانظر: الفتح لابن حجر (٧/ ٥٠٠)].

ولم أستوعب أسانيد هذا الحديث عن أنس في قصة ارتجاز ابن رواحة، ولا المراسيل فيه، وإنما أردت بيان إنكار الأئمة لحديث الزهري عن أنس، وأن عبد الرزاق قد غلط فيه على معمر، وإنما هو حديث: جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس، والله أعلم.

هكذا أنكر الحديث الموصول عن أنس: الإمام أحمد وقال بأنه حديث باطل، ليس له أصل، وذكر الدارقطني تفرد عبد الرزاق به، وحكى عمن سبقه أن عبد الرزاق قد وهم فيه، وأن المحفوظ: حديث جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس، ولا يحتمل من جعفر الانفراد بذلك عن ثابت، وكلام الترمذي والبزار يشير إلى الإعلال، وجعفر بن سليمان الضبعي: صدوق، لا بأس به، وله أوهام، وقد أنكروا عليه أحاديث عن ثابت وابن جريج، قال ابن المديني: «أكثر جعفر عن ثابت، وكتب مراسيل، وفيها أحاديث مناكير عن ثابت عن النبي »، وقال البخاري: «يخالف في بعض حديثه» [التهذيب (٢/ ٦٢٧ - ط دار البر)]، والله أعلم.

وذلك كله فضلاً عن عدم اشتمال حديث أنس بطرقه على موضع الشاهد في قصة زواج ميمونة، فبقي انفراد مرسل الزهري بها، والله أعلم.

قلت: والحاصل: فإن هذه المراسيل ليست بشيء، والعمدة في هذا:

على ما رواه مالك بن أنس، وسليمان بن بلال، والدراوردي:

عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سليمان بن يسار [مولى ميمونة زوج النبي ]؛ أن رسول الله بعث أبا رافع مولاه، ورجلاً من الأنصار، فزوجاه ميمونة بنت الحارث، ورسول الله بالمدينة قبل أن يخرج.

وهذا في معنى المتصل؛ فإن سليمان بن يسار كان مولى لميمونة، وهو من كبار التابعين، أحد الأئمة، وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة، قدمه بعضهم على سعيد بن المسيب، ومن كان في مثل رتبته ومنزلته، وقربه من ميمونة، وروايته عنها، وثبوت سماعه من أبي رافع؛ كان مطلعاً على حال ميمونة، وقصة زواجها من النبي ، وأنه تزوجها وهو حلال، عقد عليها حلالاً قبل أن يخرج من المدينة، وبنى بها حلالاً بسرف بعد رجوعه من مكة، وأن النبي بعث مولاه أبا رافع وكيلاً عنه في العقد، فلا يبعد أن يكون سليمان أخذ هذا كله عن ميمونة نفسها، كما أنه لثبوت سماعه من أبي رافع، فلا يبعد أيضاً أن يكون أخذه عن أبي رافع، وأنه هو الذي أخبره بذلك، وقد قدمه مالك في موطئه على

<<  <  ج: ص:  >  >>