له سعد: يا عاض بظر أمه، أرضك وأرض أمك! نحن دونه، لا يخرج رسول الله ﷺ إلا أن يشاء، فقال له رسول الله ﷺ:«دعهم فإنهم زارونا لا نؤذيهم»، فخرج فبنى بها بسرف. أخرجه سنيد [عزاه إليه: ابن عبد البر في الاستيعاب (٤/ ١٩١٧)، وابن تيمية في شرح العمدة (٤/ ٦٣٦ - ط. عطاءات العلم)].
قلت: وهذا حديث منكر؛ شرحبيل بن سعد: ضعيف، وهو تابعي، من الطبقة الثالثة، لم يدرك الواقعة؛ فهو مرسل، وأبو معشر نجيح بن عبد الرحمن السندي: ضعيف، وسنيد بن داود ضعيف، غير مؤتمن [التهذيب (٤/ ٤٦٠). علل ابن أبي حاتم (٤٨٠) و (٢٧١١). أطراف الغرائب (٥٢٣٥). الثالث والثمانون من الأفراد (٧٠)].
١٢ - مرسل ابن شهاب الزهري:
يرويه: محمد بن فليح [ما به بأس، ليس بذاك القوي]، وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة [المدني: ثقة مشهور، روى له البخاري، وهو ابن أخي موسى بن عقبة]:
عن موسى بن عقبة [ثقة فقيه، وروايته عن الزهري في صحيح البخاري]، عن الزهري، قال: ثم خرج رسول الله ﷺ من العام المقبل من عام الحديبية معتمراً، في ذي القعدة سنة سبع، وهو الشهر الذي صده المشركون عن المسجد الحرام، حتى إذا بلغ يأجج وضع الأداة كلها: الحَجَفَ، والمجَانَّ، والرِّماحَ، والنَّبلَ، ودخلوا بسلاح الراكب: السيوف، وبعث رسول الله ﷺ بين يديه جعفر بن أبي طالب إلى ميمونة بنت الحارث بن حزن [العامرية، فخطبها عليه، فجعلت أمرها إلى العباس بن عبد المطلب]، وكان تحته أختها أم الفضل بنت الحارث، فزوجها العباس رسول الله ﷺ، فلما قدم رسول الله ﷺ أمر أصحابه، فقال:«اكشفوا عن المناكب واسعوا في الطواف»، لير المشركون جَلَدَهم وقوتهم، وكان يكايدهم بكل ما استطاع، فاستكفَّ أهل مكة، الرجال والنساء والصبيان، ينظرون إلى رسول الله ﷺ وأصحابه، وهم يطوفون بالبيت، وعبد الله بن رواحة يرتجز بين يدي رسول الله ﷺ متوشحاً بالسيف، وهو يقول:
خلُّوا بني الكفار عن سبيله … أنا الشُّهيد أنَّه رسوله
قد أَنزل الرحمن في تنزيله … في صُحُف تتلى على رسوله
فاليوم نضربكم على تأويله … كما ضربناكم على تنزيله
ضرباً يُزيل الهام عن مقيله … ويُذهل الخليل عن خليله
قال: وتغيب رجال من أشراف المشركين أن ينظروا إلى رسول الله ﷺ غيظاً وحنقاً، ونفاسة وحسداً، وخرجوا إلى الخندمة، فقام رسول الله ﷺ بمكة وأقام ثلاث ليال، وكان ذلك آخر القضية يوم الحديبية، فلما أن أصبح [رسول الله ﷺ] من اليوم الرابع أتاه سهيل بن عمرو، وحويطب بن عبد العزى، ورسول الله ﷺ في مجلس الأنصار يتحدث مع سعد بن عبادة، فصاح حويطب بن عبد العزى: نناشدك الله والعقد لما خرجت من أرضنا، فقد مضت الثلاث، فقال سعد بن عبادة: كذبت، لا أم لك، ليس بأرضك ولا بأرض آبائك،