للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الأنصار، فزوجاه ميمونة بنت الحارث، ورسول الله بالمدينة قبل أن يخرج.

ورواه الحميدي، عن عبد العزيز بن محمد، عن ربيعة، عن سليمان بن يسار؛ أن رسول الله بعث العباس بن عبد المطلب وأبا رافع فزوجاه بسرف وهو حلال بالمدينة. وهذا فيه نظر. وهذا الحديث وإن كان مرسلاً؛ فهو يقوى من وجهين:

أحدهما: أن سليمان بن يسار هو مولاها، فمثله قد يطلع على باطن حالها، ومعه مزد علم خفي على غيره.

الثاني: أنه هو الذي روى حديث أبي رافع عنه كما تقدم، وأهل الحديث يعدونه حديثاً واحداً، أسنده سليمان تارة، وأرسله أخرى، فيعلم أنه تلقى هذا الحديث عن أبي رافع، وهو كان الرسول في النكاح».

وقال ابن القيم في تهذيب السنن (١/ ٣٥٩ - ط عطاءات العلم) بعد حديث مالك: «وهذا وإن كان ظاهره الإرسال فهو متصل، لأن سليمان بن يسار رواه عن أبي رافع: أن رسول الله تزوج ميمونة وهو حلال، وبنى بها وهو حلال، وكنتُ الرسول بينهما. وسليمان بن يسار مولى ميمونة، وهذا صريح في تزوّجها بالوكالة قبل الإحرام».

قلت: وابن عبد البر لما نفى سماع سليمان بن يسار من أبي رافع، قال في التمهيد (٣/ ١٥١): «وغير جائز ولا ممكن أن يسمع سليمان بن يسار من أبي رافع، وممكن صحيح أن يسمع سليمان بن يسار من ميمونة؛ لما ذكرنا من مولده؛ ولأن ميمونة مولاته ومولاة إخوته، أعتقتهم وولاؤهم لها، وتوفيت ميمونة سنة ست وستين، وصلى عليها ابن عباس، فغير نكير أن يسمع منها، ويستحيل أن يخفى عليه أمرها وهو مولاها، وموضعه من الفقه موضعه. وقصة ميمونة هذه أصل هذا الباب عند أهل العلم، وغير ممكن سماعه من أبي رافع، فلا معنى لرواية مطر، وما رواه مالك أولى، وبالله التوفيق».

قلت: الصواب في حديث سليمان بن يسار هو الإرسال، لكن الحديث مع إرساله يحمل في طياته معنى الاتصال، وهو شاهد قوي لحديث يزيد بن الأصم عن ميمونة، وحديث صفية بنت شيبة:

فإن سليمان بن يسار كان مولى لميمونة، وهو من كبار التابعين، أحد الأئمة، وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة، قدمه بعضهم على سعيد بن المسيب، ومن كان في مثل رتبته ومنزلته، وقربه من ميمونة، وروايته عنها، وثبوت سماعه من أبي رافع [كما سيأتي تقريره]؛ كان مطلعاً على حال ميمونة، وقصة زواجها من النبي ، وأنه تزوجها وهو حلال، عقد عليها حلالاً قبل أن يخرج من المدينة، وبنى بها حلالاً بسرف بعد رجوعه من مكة، وأن النبي بعث مولاه أبا رافع وكيلاً عنه في العقد، فلا يبعد أن يكون سليمان أخذ هذا كله عن ميمونة نفسها، كما أنه لثبوت سماعه من أبي رافع، فلا يبعد أيضاً أن يكون أخذه عن أبي رافع، وأنه هو الذي أخبره بذلك، والله أعلم.

ومن النكت اللطيفة في مرسل سليمان بن يسار أن مالكاً لما أخرجه في موطئه افتتح

<<  <  ج: ص:  >  >>